ارلآن مع استسلام المحافظ تيد كروز والمتذمر المعتدل جون كاسيتش، فإننا أمام سياسيين عليمين بدخائل متحمسين للحكومة الكبيرة يواجهان مشكلات مع الحقيقة، هما هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. وسيكون أحدهما رئيساً للولايات المتحدة.
وقد تسأل نفسك: ما الفرق، عند هذه النقطة، الذي يحدثه هذا؟
كلينتون ستكون مرشحة الحزب الديمقراطي. فهي السياسية العليمة ببواطن الأمور على نحو مطلق، وهي ملكة ما بقي من المؤسسة السياسية الأميركية، والجمهوريون يدنون منها جاثين على ركبهم، ومسؤولو الشركات يشيدون بها، وصقور المحافظين الجدد الذين دفعوا بالحرب على العراق قدما يهربون الآن من الحزب الجمهوري، وهم من ساعدوا في تدميره، ويتوقون اليوم للتقرب منها.
وترامب اقتصادي قومي ثرثار، ليس هناك من شيء محافظ بشأن الرجل، الذي سيستخدم أكبر سلطة في الحكومة لتطبيق سلطته على غرار ما ستقوم به هي.
وعلى الرغم من أنه من خارج الجمهوريين رسميا، إلا أنه صنع الكثير من ثروته عبر لعبه دور العضو في الحزب. وكان يكتب شيكات الحملة للديمقراطيين، ويشتري السياسيين بالطريقة ذاتها التي يشتري بها بعضنا الحيوانات الأليفة. واعترافه بأنه على علم بالنظام الفاسد من الداخل والخارج وتصميمه على قطع الطريق على ذلك يعتبر جزءا من مناشدته.
ربما الأمر الآمن الآن هو الاصطفاف مع الدمى الآدمية من قبيلة بعينها أو أخرى وترديد الشعارات. يمكن أن تستخدم »بطاقة المرأة« ضد ترامب أو بطاقة »لا لكلينتون« ضد كلينتون. ليس هناك من شيء يهدئ في زمن اللايقين مثل إطلاق الشتائم بينما يتم القاء اللوم على الآخرين لإهانتهم لك.
الغضب وحمق المراهقين دائما ما يكون اللعبة الأسهل لممارستها خلال أوقات عدم اليقين مثل هذا الوقت. النشطاء السياسيون يحبون ذلك، لأنه يساعد في تجميع الناخبين استعدادا لنوفمبر المقبل.
هؤلاء الذين يرفضون الاصطفاف في قبيلة سيعتبرون أنه يتعين التفكير في تدويل المحكمة الأميركية العليا والاقتصاد، وكل هذا على خلفية إهانات ترامب المخلة. وتاريخ كلينتون الطويل من الكذب والخداع. سترى المؤسسة الجمهورية وهي تلعب لعبة القاء اللوم..
فيما يتطلع الديمقراطيون إلى أن يمنح هذا الأمر هيلاري كلينتون مخرجا من كل مهام مكتب التحقيقات الفيدرالي الابتدائية، وفي التحقيق الخاص برسائل البريد الإلكتروني الخاص بها بينما كانت وزيرة للخارجية.
ومن الأمور التي تبرع فيها المؤسسة الجمهورية تقييم الخطأ. والآن بدأت تنهال على المحافظ تيد كروز. إلا أن تلك لم تكن غلطة كروز. نعم، لقد انسحب من الحملة عقب خسارته في انديانا، ولديه أسلوب متعجرف في الخطابة بشكل يحذرنا من اللعنة الأبدية.
ومع ذلك فإن ما يؤذيه حقا هو التلفاز، وبالأخص قناة »فوكس نيوز«، وحصر ترامب في وقت مبكر، والإجهاز على المرشح المفضل لدي، الليبرالي السناتور راند بول من كنتاكي. وحذت الشبكات الأخرى حذوها، ولعبت بالتصنيفات من خلال اختيارها ترامب طوال الوقت.
لعبة إلقاء اللوم تدور كلها حول الضجيج. وتتعلق بالحفاظ على الذات وتدور حول العالمين ببواطن الأمور وأتباعهم والحفاظ على مناصبهم، ووصولهم إلى السلطة.
إنها طريقة كل الطبقات المثرثرة في امبراطورية ما. هؤلاء ليسوا الثوار الذين تطلق عليهم النار عقب انتهاء الثورة، هؤلاء هم الذين يقومون بتحركات ويزدهرون. وهم يقيمون في فرجينيا وميريلاند أو جورج تاون. ولديهم الكثير الذي يمكن أن يخسروه. ما يجب أن يخيفهم هو أننا عند بداية إصلاح سياسي، وسط اشارات دالة على أن المؤسسة السياسية الفاسدة المتعلقة بكلا الحزبين، بدأت تنهار من الداخل.
الأميركيون سئموا منهم وهم يدركون ذلك. هذا المركز المتداعي هو ما جعل ترامب المرشح الجمهوري المفترض. ويدفع بالشباب من اليسار السياسي إلى الاشتراكي بيرني ساندرز.
الحكمة التقليدية هي أن كلينتون ستقضي على ترامب في نوفمبر المقبل. ولطالما صورت ترامب بأنه بربري مفيد في تحطيم بوابة المؤسسة الجمهورية لإخافة الأفراد الذين يستحقون ذلك في المؤسسة. ولكني لست متأكدا من أنه سيخسر هذا الشخص. ولقد قاد ثورة ضد المؤسسة على الجانب الجمهوري. إلا أن الديمقراطيين متطرفون وراء ساندرز، وكلينتون بالكاد تتماسك.
ترامب، السياسي الآخر العليم ببواطن الأمور على نحو يوضع الآن في موضع عميل التغيير المعادي للمؤسسة بنهجه الجديد المتعلق بالنزعة الاقتصادية القومية والتهديدات بحرب تجارية.
كلينتون عالقة مع النهج الجديد. وتصنف الأمور الحكومية من خلال العرق والطبقة، على غرار ما كان يفعل زعماء شيكاغو القدماء في توزيعهم لحم الديك الرومي والخنزير في أعياد الميلاد.
ويعد ترامب سياسياً في غاية الطموح والعدوانية وهو حاد في هجماته مثل كلينتون، وذلك يعتبر موضع قوة. إلا أن ذلك يعتبر نقطة ضعفه أيضا. وغالبا ما يجعله ذلك يبدو بمظهر غير المستقر. ويمكن جذب ترامب إلى فخ بهذه الطريقة. وأعتقد أن آل كلينتون يعدون لعدد من الأفخاخ.
وتعاني كلينتون من مشكلة مماثلة على الرغم من أنها لا تحظى بقدر مماثل من الاهتمام. وبينما يمكن لدونالد أن يكون شخصية كرتونية تجذب من الهواء التصورات الخيالية، فإن هيلاري يمكن أن تطل وقد بدا عليها الغضب الشديد على نحو ما فعلت في ويست فرجينيا أخيرا.
وقد قالت لذلك العامل في منجم الفحم الذي يعاني من اليأس إنها لم تعد بإخراج كل عمال المناجم من العمل، وقالت إن كلماتها قد انتزعت من سياقها، رغم أنها قالت ذلك على وجه الدقة وتم تسجيل ما قالته. أحد هذين المرشحين سيكون رئيساً للولايات المتحدة وربما كنا نستحقهما.
البيان