{ فقدت البلاد على وجه العموم، و(المجهر) على وجه الخصوص أمس (الخميس)، أحد أبرز رموز الكتابة والإبداع والجمال الأستاذ الكبير “سعد الدين إبراهيم”.
{غاب عنا بغتة، فبوغتنا بالنبأ الحزين الصادم مع تباشير الصباح، وكان يبدو بصحة وعافية، ويتحدث إلى بعض أصدقائه الخلص ومن بينهم الشاعر الرقيق الأستاذ “عبد الوهاب هلاوي” إلى قبيل منتصف ليل (الأربعاء)، ليفارق الحياة بعدها في ساعات فجر (الخميس) الأولى، وإن لله ما أعطى ولله ما أخذ .
{كان رجلاً بشوشاً مسماحاً، حاضر الطرفة وسريع البديهة، ساخراً بحلاوة، ومتحدثاً بطلاوة، جمعتنا به (المجهر) أكثر، وقد عملت تحت رئاسته لتحرير صحيفة (الحياة والناس) في العام 1997م، ثم افترقنا والتقينا هنا لتتوثق العلاقة بعمق وحميمية وارتياح .
{اعتبرتها قلادة شرف تطوق عنقي عندما كتب على هذه الصفحة في (النشوف آخرتا) كلمة مؤثرة ومعبرة في عيد (المجهر) الأخير، ختمها متسائلاً: (لماذا لم أكن في (المجهر) من زمان) !!
{هو ملك الكتابة الصحفية الساخرة، رائد أسلوب السهل الممتنع، وأستاذ التأليف الدرامي للإذاعة والتلفزيون والمسرح، كان رجلاً متعدد المواهب، غزير القدرات، وقد مثل لهذه الصحيفة إضافة نوعية مهمة، فاحتفينا به واحتفى بنا، واستمر التعاون والمشاركة بسلاسة وهدوء واحترام .
{قبل أن يتوفاه الله بيوم واحد، بعث لي برسالة نصية على الهاتف تقول: (ازدادت قناة الخضراء اخضراراً) .. ورددت عليه: (شكراً كثيراً أستاذنا)، ووجدت أنه حادث صديقيه العزيزين الأستاذين “التيجاني حاج موسى” و”عبد الوهاب هلاوي” قبل رحيله بساعات عن قناة (الخضراء)، وكيفية تعاونهم معنا لتطوير ودفع مسيرة القناة الوليدة !! يا سبحان الله .
{لكن أجل الإنسان إذا حضر لا يؤخر ساعة، فمضى “سعد الدين” الإنسان سريعاً وخفيفاً إلى الله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. الحي الدائم الذي لا يموت .
{إننا نعزي أنفسنا وأهله وابنيه وبناته وأرملته الكريمة وإخوانه وأخواته وجميع آل بيته، وأسرته الممتدة وأحبابه وأصدقاءه ومحبيه من “حلفاية الملوك” إلى “الثورة”، ونعزي جمهور قرائه العاشقين لقلمه الوسيم المنساب المتدفق لطافة وعذوبة وألق، نعزيهم جميعاً في مصابنا الجلل، وهاهو يترجل بعد أن (شاف آخرتا)، غير أنه سيظل باقياً في قلوبنا وذاكرتنا ما بقينا .
{(إنا لله وإنا إليه راجعون).
المجهر السياسي