قبل عدة أيام كتبت قائلاً إن (أم درمان قناة تشبه السودان،) ولم أزد على ذلك حرفاً.. واليوم أسمحوا لي أن أتحدث عن قناة أم درمان الفضائية وأقول إنها حقاً قناة تشبه السودان وأهل السودان، ليست هذه مجاملة أو إطلاق الأوصاف بالمزاج، ولكن لأنها تقدم برامج تتناول قضايا المواطن السوداني وبالطريقة السودانية كاملة الدسم.. دون (بهرجة) ولا مكياج.. وحقيقة أكثر ما استوقفني من برامج هذه القناة، برنامج مسابقات باسم (المخلاية) الذي تقوم فكرته على تجوال للكاميرا في الشوارع العامة، والالتقاء بالمواطنين وطرح سؤال عن موضوعات تاريخية وتراثية، ومن ثم يدخل الفائز يده في (المخلاية) ويختار جائزته (حسب حظه)، وذلك غير أنه لون من ألوان الإبتكار البرامجي إلا أن البرنامج يقدم مادة سودانية (خالصة) ويعرَف أبناء وبنات هذا الجيل بموروثات وتاريخ هذا البلد الزاخر بكل جميل من القيم والعادات، وبالطبع بقناة أم درمان هناك برامج لا تقل عن روعة (المخلاية)، مثل سهرة (خلاصة الحواري).. (مطر الألوان.. (كلام بنات) و(مع حسين خوجلي)، الذي يجد متابعة واسعة من الأسرة السودانية بتباين أفكارها ومختلف مكنوناتها.. وهذه البرامج وحدها تؤكد أن القناة تهتم بالمواضيع المهمة والقضايا وليس (الونسة في الفاضي) أو الغناء كما تفعل الكثير من الفضائيات عندنا، وهذا ليس وحده ما يعطي (أم درمان) شارة التميز.. فهي تتميز أيضاً بميزة قلَّ أن توجد في واحدة من نظيراتها ونعني ضمها لكوادر يمثلون كل السودان.. شرقه.. غربه.. جنوبه.. وسطه وشماله، وبكل تأكيد التقاء وانصهار هذه الثقافات المتعددة يصب في صالح القناة والمشاهد والثقافة السودانية على السواء.
٭ لا ينكر أحد أن قناة (أنغام) الفضائية استطاعت في فترة وجيزة أن تحجز لها مقعداً في عيون المشاهد السوداني، ومن اسم القناة يتضح أنها معنية بالغناء والموسيقى بالدرجة الأولى، ولا ننكر أنها في بداياتها نجحت للحد البعيد في تقديم مواد تلفزيونية مقنعة للجميع، لاعتمادها على مواد (قديمة) من مكتبة التلفزيون القومي.. ومعظمها كانت سهرات لكبار الفنانين، ولكن المتابع مؤخراً لمسيرة هذه القناة يلحظ اعتمادها كلياً على واعدين وواعدات لم يسمع بهم أحد من قبل.. تتيح لهم مساحات أكبر من تجربتهم الغنائية، فكان من الطبيعي أن تخرج سهرات القناة باهتة وبلا لون ولا طعم ولا رائحة، بقدر ما يعني ذلك مزيداً من الفوضى الضاربة بقوة على الساحة الفنية.. حتى أصبح في السودان نظير كل مواطن مطرب أو مطربة، وبتنا لا ندري من المطرب ومن المستمع
٭ ترى أين نقابة المهن الموسيقية والمسرحية من المطربين والمطربات الذين تقدمهم قناة (أنغام).. هل كلهم يمتلكون رخصة ممارسة الغناء، أم يزاولون المهنة (كيري).. ولماذا لم تتحرك النقابة تجاههم مثل ما تحركت ضد قناة (النيل الأزرق) وفتحت بلاغات في عدد من الذين تغنوا في برنامج (أغاني وأغاني).. أسئلة بريئة تحتاج إلي إجابة