المزاح في النكاح!!
السؤال:
عندي طفلة عمرها عامين قال لي زميلي في العمل مازحاً “عرَّستها” وأنا قلت “طوالي” ما حكم الشرع في هذا المزاح؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ} رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير) قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ: الْهَزْلُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ مَا وُضِعَ لَهُ بِغَيْرِ مُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا ، وَالْجِدُّ مَا يُرَادُ بِهِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوْ مَا صَلُحَ لَهُ اللَّفْظُ مَجَازًا.ا.هــــ
قال الشيخ أبو سليمان الخطابي رحمه الله في (معالم السنن): اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به ولا ينفعه أن يقول كنت لاعباً أو هازلاً أو لم أنو به طلاقاً أو ما أشبه ذلك من الأمور. واحتج بعض العلماء في ذلك بقول الله تعالى ((ولا تتخذوا آيات الله هزواً)) وقال: لو أطلق للناس ذلك لتعطلت الأحكام ولم يشأ مطلق أو ناكح أو معتق أن يقول كنت في قولي هازلاً فيكون في ذلك إبطال أحكام الله سبحانه وتعالى وذلك غير جائز؛ فكل من تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث لزمه حكمه ولم يقبل منه أن يدعى خلافه؛ وذلك تأكيد لأمر الفروج واحتياط له والله أعلم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: فأما طلاق الهازل فيقع عند العامة، وكذلك نكاحه صحيح، كما هو متن الحديث المرفوع، وهذا هو المحفوظ عن الصحابة والتابعين وهو قول الجمهور.ا.هــــ
وعند المالكية قال الحطاب في (مواهب الجليل) هزل النكاح لازم، ولو عُلم أنه قصد الهزل، وبذلك صرح غير واحد من الشيوخ، قال في النوادر: وعن كتاب ابن المواز قال مالك: من قال لرجل وهو يلعب: زوِّج ابنتك من ابني وأنا أمهرها كذا، فقال الآخر على ضحك ولعب: أتريد ذلك؟ قال: نعم زوجتك وهو يضحك، فقال: قد زوجته، فذلك نكاح صحيح لازم .. إلى آخر كلامه
وعليه فإن هذا الذي كان بينك وبين صاحبك نكاح صحيح قد استوفى أركانه من حيث كونك ولياً لتلك البنت وقد حصل بينكما الإيجاب والقبول، وجاز لكما أن تنقضاه بطلاق أو خلع، والله تعالى أعلم.
فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم