الأستاذة الفاضلة منى
أعادت مشكلة نواب مستشفى أمدرمان حلمي بأن يتم تطبيق معايير الجودة وسلامة المرضى في السودان، أسوة بكافة دول العالم، خاصة الشقيقة المملكة العربية السعودية، والتي قطعت شوطاً في هذا المجال، ووضعت معايير وطنية يشار إليهاً عالمياً قبل محلياً..
وبالرجوع للمقال الصادر عن مشكلة مستشفى أم درمان بجريدة “ آخر لحظة” وجدت نفسي أجد الحل لما ذكره الأطباء والمهتمين بالحادث في بعض المعايير الأساسية للجودة بالمستشفيات، والتي تمثل ركيزة الأمان حتى يصل الجميع لمفهوم الجودة الأساسي، والذي هو بكل بساطة “عمل الشي الصحيح بالطريقة الصحيحة منذ الوهلة الأولى، وفي كل مرة” وذلك من خلال تطبيق معايير الجودة والتي تمثل الحد الأدنى لما هو مقبول، وفقاً لما توصل إليه العلم وأهل الخبرة .. إذ مع الجودة يكون تطبيق ما هو صحيح والمتابع لحادثة نواب أمدرمان يكتشف هشاشة النظام المتبع لدرجة غيابه عن الأنظار وشعور العاملين في القطاع الصحي بأنهم دوماً في دائرة الاتهام كما ورد في المقال “الأطباء ظلموا ظلم الحسن والحسين!!” وبالتالي الأفضل لهم كما جاء على لسان طبيب آخر “انقاذ أنفسنا قبل المريض”… وبذلك نهدم مهنة أقل ما يقال عنها أنها مهنة انسانية من الطراز الأول تتطلب التضحيات ونكران الذات والعطاء الدائم لإنقاذ من يمكن إنقاذهم، لأن روح واحدة تعني العالم كله، كما جاء في سورة المائدة “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” .
واهل صنعة الجودة وسلامة المرضى يعلمون بأن غياب البنى الأساسية هي الحربة التي قتلت هارب مستشفى أمدرمان….. أين هي سياسات وإجراءات العمل التي تحدد المسئوليات وكيفية القيام بها…. فهل يوجد بالمستشفيات:
1. نظام دخول وتسجيل المرضى
2. نظام قبول الحالات الجنائية (وليس فقط نموذج رقم 8 وما هو دور رجل الشرطة في مثل هذه الحالات ومن هو المسئول عن مراقبة بقاء المصابين بالمستشفى ومن المسئول عن إقرار خروج المريض )
3. نظام فرز الحالات بقسم الحوادث والطوارئ.
4. الوصف الوظيفي لنواب قسم الطوارئ (ما هو مسموح التعامل معه وحدود المعالجة المسموحة ومتى يتم استدعاء الطبيب الاخصائي أو حتى الطبيب الاستشاري.. وهو نظم تحت المجهر في هذه الحادثة!
5.نظام خروج المرضى عكس النصيحة الطبية (كيف تحمي المستشفى كوادرها في مثل حادثة أمدرمان وهل تسقط مسئولية المستشفى فور هروب المريض؟؟”.
6. نظام حقوق ومسئوليات المرضى واسرهم.
لو كانت هناك معايير للجودة وأنظمة تهدي العاملين لما ذكر الأطباء في لقائهم بان ما حدث “ليس مهمتنا” بينما سارع حراس الأمن بالقول إنها “مسؤوليتنا”…. بينما برر أهل الحقوق والعدالة بأن “قسم الطيب ملزم!”. الجودة تقدم لكل هؤلاء معادلة رائعة تشجع صناع القرار بالتركيز على البنى التحتية، لأن العلاقة بين الأساس المتين والنتائج المتميزة علاقة وطيدة causal relationship. الأساس المتين يؤدي إلى تطبيق ونتائج متميزة….. إذاً علينا الإسراع للوصول لما حققه الآخرون في مجال الجودة وكفاية دفن رؤوسنا في الرمال!!
وفي ظل غياب حقوق ووجبات معتمدة لمرضى السودان سوف تظهر مئات الحوادث مثل حادثة نواب أمدرمان وسوف نسمع مطالبات تطالب بأشياء ساذجة لا تخدم القضية الأساسية مثل التي ذكرت في التحقيق الصحفي بضرورة تكوين لجان متخصصة؟؟و بماذا سوف تحكم تلك اللجان في ظل غياب معايير وأنظمة متبعة يقاس بها أداء القائمين عليها؟؟؟ وإلا الأمر فقط “جود بالموجود!!! او مشيها تمشي.
منال عزالدين السيد