احمد يوسف التاي : سير الأخيار.. عزير عليه السلام

يقول ملخص قصة نبي الله عزير عليه السلام- كما ترويها كتب السير والتفاسير- أنه نبي من أنبياء بني إسرائيل، أماته الله مئة عام ثم بعثه، جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أن نسوها، وتقول كتب السير أن عزير عليه السلام كان يحفظ التوراة، ثم وقعت له قصة مدهشة، فقد أماته الله مائة عام ثم بعثه..

وقد مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثيراً عن منهج الله عز وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيراً من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرًا عليه السلام.

وأمر الله سبحانه وتعالى عزيرًا أن يذهب إلى قرية، فذهب إليها فوجدها خراباً، ليس فيها بشر، فوقف متعجباً، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر، وزاد استغرابه وهو ينتظر أن يحييها الله وهو واقف! لأنه مبعوث إليها، فسؤاله سؤال تعجب وليس اعتراضاً، فأماته الله مئة عام، والقرآن يحدثنا عن عن هذه القصة:

(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) سورة البقرة آية 259 حيث قبض الله روحه وهو نائم، ثم بعثه. فاستيقظ عزير من نومه ، وأرسل الله له ملكًا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). نمت يوماً أو عدة أيام على أكثر تقدير.

فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ). ويعقب الملك مشيراً إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه، لم ينتن ولم يتغير طعمه أو ريحه. ثم أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الملك السر في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ). ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتمل الحمار أمام عينيه.

يخبرنا المولى بما قاله عزير في هذا الموقف:

(فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

سبحان الله أي إعجاز هذا.. ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس. فسألهم: هل تعرفون عزيراً؟ قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة. فقال لهم: أنا عزير. فأنكروا عليه ذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة، وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير.

فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد، وأحبوه حباً شديدًا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله.

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ)

واستمر انحراف اليهود بتقديس عزير واعتباره ابناً لله تعالى – ولا زالوا يعتقدون بهذا إلى اليوم- وهذا من شركهم لعنهم الله.

(مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ…الخ الآية الكريمة).

Exit mobile version