ثقافة السكن الرأسي

هنالك – بطبيعة الحال – فرق شاهق بين (أدب النقد) و(ضروب النقض)!! على أن النقد يعترف بمجهود الكسب ويسعى إلى مزيد من التصويب، كما أن (النقض) في المقابل ينزع إلى هدم البنيان من أساسه..
* فلما كان اتحاد الصحفيين على عهد الدكتور تيتاوي يُشيِّد مدناً لجمهور الصحفيين بالحارة مائة على سفح جبال كرري بأمدرمان، ومدينة الوادي الأخضر على مدخل سهول البطانة بشرق النيل، يومها اعترفت بذلك المجهود غير المسبوق من حيث المبادرة والهمة، لأنه على الأقل الاتحاد الصحفي الأول في تاريخ الصحافة الذي يجعل للصحفيين مدناً وداراً وشأناً !! بيد أني رأيت أنه في الإمكان أفضل مما كان.. كيف !!
رأيت يومئذ لو أن اتحادنا الموقر تحصل على قطعة أرض بمساحة ثلاثة آلاف متر على شاطئ النيل، ليس بالضرورة أن تكون هذه المساحة في (المنطقة الخضراء) بوسط الخرطوم، يمكن أن تكون بمدينة أمدوم بشرق النيل أو أبي سعد أو الحتانة والحلفاية، ومن ثم نرسم خريطة لعمائر الصحفيين الضخمة، ومن ثم نذهب في عمليات تمويل مشروع عمائر مدينة الصحفيين بين أشقائنا في الخليج، فهناك أكثر من شيخ وأمير وزعيم يتطلع إلى أن يقرن اسمه بمدينة الصحافة وشرفها، فحتى الأوروبيين ومنظماتهم المهتمة بحرية التعبير والحريات، جوراً وعدلاً، يمكن أن تدفع لصالح الصحفيين و.. و..
* أعيد إنتاج هذه الفكرة، والسيد والي ولاية الخرطوم ما وجد منبراً ومناسبة في الفترة الأخيرة، إلا وبشَّر بنقلة توطين مشروع (السكن الرأسي) في ولايته المتمددة !! وليس
آخر ذلك الإصرار والتكرار ما ذكره سعادة الفريق عبدالرحيم أمس الأول أمام فعاليات المؤتمر السادس لاتحاد عمال ولاية الخرطوم و.. و..
* وتكمن قيمة هذا المشروع في مظهره الحضاري، كونه ينقل خرطوم السكن الأفقي إلى مصاف المدن العالمية الرأسية من جهة، ومن جهة أخرى يسهل عمليات تقديم الخدمات من خدمة الصرف الصحي والكهربائي والإمداد المائي حتى جمع النفايات، ومن ثم توفير الأرض في ولاية تكاد تتصل بالولايات الأخرى من الأركان الأربعة !!
* غير أن نجاح هذا المشروع يكمن في الرهان على مقدرات وتجارب المهندس عبدالرحيم محمد حسين، الذي اشتهر أكثر بمهاراته الهندسية المعمارية، فما غادر وزارة إلا وترك وراءه بنايات غير مسبوقة وليس آخرها عمائر وزارة الدفاع بشرق الخرطوم التي أصبحت معالم ناصعة في عاصمة البلاد !!
* كما أن في ذلك خدمة لناشئة الأجيال، فبدلا أن يعطي أحدهم ثلاثمائة متر في أحد الأودية يحتاج إلى أن يتفق باقي عمره لتشييدها، فالأفضل والأجدى من ذلك أن يعطي شقة بمساحة مائة متر فقط مطرزة بالخدمات والمباني و.. وليس هذا كل ماهناك.

Exit mobile version