منذ أن حط الدكتور محمد طاهر إيلا، رحاله بعاصمة الجزيرة (ودمدني)، بدأت أحاديث الناس وهمس المجتمعات يدور حول ماهية الوالي القادم من الثغر وخططه وفي البال تجربته في ولاية البحر التنموية والسياسية التي واجهتها الكثير من المنعرجات حتى جعل البعض يقولون إن تعيين إيلا والياً للجزيرة ماهو إلا فك للارتباط الذي صنعه الوالي من خلال تكوينه لجبهة عريضة ظلت تسانده في كل الأوقات وأحلك الظروف، بل إن حبل الوصل بينه وبين تلك المكونات امتد حتى بعد تعيينه والياً للجزيرة، حيث شهدت الولاية في الفترات السابقة عددا من الزيارات واستقبلت الكثير من الوفود وعلى سبيل المثال زيارة وفود أصحاب العمل، واتحاد العمال وغيرهم، ولذلك ظل مواطن الجزيرة ينظر من أين يبدأ الوالي؟ فكانت الزيارات التعريفية للوالي لعدد من الشخصيات والتي كانت أغلبها من مدينة ودمدني حيث زار الوالي أسرة المرحوم أبوزيد أحمد، والمرحوم صديق شقدي، والأمين أبوقناية، وعبدالمنعم عبدالعال، والأخيران كانا أكبر الداعمين لمسيرة نصرة الوالي محمد طاهر إيلا في معركته الأخيرة مع المجلس التشريعي والتي خرجت الجمعة الماضية.
انطلاقة شرارة
في حديثه خلال اجتماع لجنة نصرة إيلا والذي استضافه بمنزله، قال مولانا الأمين أبوقناية القاضي السابق والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، إن الغرض من تكريم الوالي هو أن نقول له أحسنت لأن مشروعات الطرق والمياه التي تشهدها مدينة ودمدني لا ينكرها إلا مصاب بعمى، وأشار أبوقناية لعدم وجود علاقة بين تكريم الوالي والخلاف الدائر بينه والمجلس والتشريعي، واعتبر الرياضي عبدالمنعم عبدالعال أن الدعوة لقيام مسيرة لمناصرة محمد طاهر إيلا جاءت نتيجة للدعوات التي أطلقها عضو اللجنة محمد الطيب يس عبر أجهزة التواصل الإعلامي التي أشارت للخلاف الدائر بين المجلس التشريعي والوالي، ويرى عبدالعال أن وقوفهم مع الوالي لما قدمه الوالي لمدني من خدمات بدأت تهل بشائرها عبر سفلتة الطرق وإنارة الشوارع .
أس الخلاف
لكن من ينظر للخلاف الذي برز مؤخراً بين الوالي والمجلس التشريعي يرى أن عدة أسباب تجمعت كل ينظر لها بمنظوره، فهنالك من يرى أنه ما قام به المجلس التشريعي من صميم عمله الدستوري وواجباته ودوره الرقابي، وهنالك من يرى تمركز التنمية في مدينة ودمدني وعدم وجود تنمية متوازنة، ويرى آخرون عدم مراعاة الوالي للأولويات، وهنالك من يرى عدم وضوح الرؤية في إدارة المال العام، فيما يرى البعض أن عددا من الأعضاء ينطلقون من منطلقات سياسية لجهة أن أغلبهم ينتمون للحكومة السابقة، والبعض فسره بأنه صراع المركز والمحليات لجهة أن الوالي أكثر انحيازاً لمدينة ودمدني وإن كان التبرير الأخير غير وارد لجهة أن أغلب عضوية مدينة ودمدني بالمجلس التشريعي كانت تقف مع مذكرة المجلس التشريعي ودعمتها.
سحابة صيف
الأوضاع المتفجرة في الولاية قادت الوالي لدعوة الهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بالمجلس التشريعي لاجتماع عاجل تنفس فيه النواب هواءً ساخناً أفرغوا كل ما بداخلهم، قابله الوالي بكل هدوء أجاب فيه الوالي على كل أسئلتهم واستفساراتهم واعداً بالتزام بتطبيق كل قرارات المجلس وإنفاذ مشروعات التنمية والخدمات بكل المحليات على حد سواء، في وقت اعتبر فيه مراقبون جلوس الوالي مع النواب في حد ذاته بأنه انحناء للعاصفة وخطوة متقدمة لم تكن معهودة بالنسبة للوالي محمد طاهر إيلا، الذي كان يعتبر القائد الأوحد في ولايته السابقة البحر الأحمر، التي تختلف اختلافاً كبيراً عن نظيرتها الجزيرة، واعتبروا أن في الخطوة تحولاً كبيراً ونهاية لطي صفحة الوالي والمجلس التشريعي والتي تفجرت مؤخراً وقال: رئيس قطاع التنظيم بالمؤتمر الوطني بالولاية، نيازي أحمد إبراهيم إن جلوس الوالي مع المجلس التشريعي ونائب رئيس أدى لطي صفحة الخلافات التي حدثت مؤخراً وأبان أن ما كان بينهم سحابة صيف وعدت.
رفض حزب الحكومة
ما بين مؤيد لما يدور في الولاية وخطوات المجلس التشريعي التي اتخذها ومعارض لها ومؤيد للوالي أعلنت مجموعة من أبناء مدينة ودمدني الخروج في مسيرة لمناصرة الوالي يقودها عدد من الشخصيات التي عملت في العمل العام والحزبي وعلى رأسهم الرئيس الفخري للجنة مولانا أبوقناية، ورئيس اللجنة العليا عبدالمنعم عبدالعال، والقيادي بالمؤتمر الشعبي مصطفى الساعاتي، ونائب رئيس المؤتمر الوطني السابق فضل حمد النيل وآخرين وخرجت مسيرة دعم الوالي رغم التحفظات العديدة عليها ورفض الحزب الحاكم في الولاية خروجها على لسان رئيس قطاع التنظيم وأحد أذرع الوالي التي يعتمد عليها في الكثير من الأدوار نيازي أحمد إبراهيم والذي أعلن رفض حزبه لخروج هذه المسيرة، وقال: نحن لا نؤيدها لأننا في حزب واحد ولا يمكن أن نقف مع مجموعة ضد أخرى، وما بين رأي الحزب ورغبات مجموعة مدني خرجت مسيرة نصرة الوالي في جو ملبد بالغيوم ومحاط بالسحاب سبقه الكثير من القرارات العامة التي اتخذها الوالي أضعفت من قوة الدفع الجماهيري للمسيرة من بينها القرارات التي اتخذت في الخدمة وخاصة تلك المرتبطة بالحقوق ومتأخرات العاملين، والتي سبقها قرارات سياسية وتنفيذية عديدة أضرت بالكثيرين، بجانب تشريد عدد كبير من العمالة والفريشة والباعة المتجولين وهؤلاء من أكبر الفئات التي كانت داعمة للوالي وتحولت إلى ناقمة.
إحباط الحرس القديم
واعتبر رئيس الكتلة البرلمانية لنواب ولاية الجزيرة بالمجلس الوطني، عبدالله بابكر، أن المسيرة تعبير لجماهير محلية الكبرى وودمدني على وجه الخصوص على ما قام به الوالي محمد طاهر ايلا من تنمية واضحة ومشاهدة للعيان في الولاية ككل وودمدني على وجه الخصوص، وأشار لوجود شعور من مواطني مدينة ودمدني أن التنمية التي قام بها الوالي خاصة في مجال الطرق استأثرت بها مدينة ودمدني وبدأت بعض الأصوات من القيادات تتحدث عن عدم التنمية المتوازنة، مشيراً إلى أن هذا الاتهام غير صحيح فقد انتقلت التنمية لحواضر المحليات وهي تنمية متوازنة ولكن لابد أن يكون هناك شعور من قيادات الولاية أن مدينة ودمدني هي حاضرة الولاية وهي مقر الحكم التي ترتادها كل الوفود والقيادات الرئاسية، وبالتالي فإن التنمية فيها واجب ولا يقدح ذلك في أداء الحكومة والجهاز التنفيذي في إطار تنمية المدينة التي شاخت وتريفت في كل عهود الحكومات السابقة التي ظلت عاجزة في أن تحدث أي تنمية أن كان ذلك في ودمدني عاصمة الولاية أو محلياتها وقد أصابت التنمية المتسارعة ذهولا وإحباطا للحرس القديم والقيادات السابقة التي شعرت بالخجل والإحباط مما تراه الآن من تنمية وإعمار بنفس الإمكانيات ونفس الدعم المركزي الذي كانت تتلقاه تلك الحكومات العاجزة والضعيفة، والمسيرة تعبير حقيقي كان لها داعي وتعبير حقيقي رداً على تلك الأصوات الخائرة والضعيفة التي تحدثت عن عدم وجود تنمية في الولاية والموجود موجه لودمدني، واعتبر بابكر هذه المسيرة بأنها ليس لها علاقة بالحزب من الناحية التنظيمية وهي مسيرة شعبية وإن كانت القواعد المنتمية للمؤتمر خرجت تعبر مع جماهير ودمني دون إذن من أحد وبالتالي على المؤتمر الوطني أن يعيد حساباته التنظيمية وأن ينزل للقواعد ليعرف الحقيقة فإن الوالي ايلا لم يعد حكراً على المؤتمر الوطني يعبر ويجدد كل طموحات المواطنين في التنمية والإعمار، المجلس التشريعي ليس له علاقة بهذا العمل والفعل وهو تعبير عن فرحة بالتنمية ونحن شاركنا ودعمنا خطها لأنه خط وطني يؤيد الوالي الذي حقق التنمية ولا اعتقد أن هناك علاقة بين المسيرة وما حدث بين الوالي والمجلس التشريعي والذي تم احتواؤه ومعالجته قبل قيام المسيرة.
مدني : يس الباقر
صحيفة الصيحة