مواقع إلكترونية وهمية تروّج لزواج المواطنات

حذّر مختصون من مواقع إلكترونية وهمية، تروج لخطبة وزواج الشباب والفتيات، إذ تستغل مشكلة العنوسة في الاحتيال على الضحايا، والحصول على مبالغ مالية نظير وعود وهمية بإيجاد الزوج أو الزوجة المناسبة للراغبين.ألقت شرطة أبوظبي أخيراً القبض على خاطبة، أوهمت ضحاياها بـ«توفيق رأسين في الحلال»، مستترة خلف مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكنت من الاحتيال على 15 فتاة أوهمتهن بتوفير عرسان لهن، وحصلت من كل ضحية على مبالغ مالية وصلت إلى 15 ألف درهم، وكانت تختفي فور الحصول على المبالغ المالية من ضحاياها، وتم إلقاء القبض عليها، بعد أن قامت إحدى الضحايا بالإبلاغ عنها.

وحذّرت شرطة أبوظبي من خطورة التعامل مع هذه المواقع وهؤلاء المحتالين، والإبلاغ عنها.

وتفصيلاً، حذّر مستشارون أسريون من الخاطبات الإلكترونيات، اللاتي يستغللن حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وينصبن على المواطنين والمواطنات الراغبين في الزواج، مشددين على أن «هناك خطورة من الانسياق وراء إعلانات الزواج التي تروجها خاطبات ومواقع زواج وهمية منتشرة على الإنترنت، وتنتج عنها حالات احتيال أو حالات ابتزاز من قبل هؤلاء الخاطبات».

ونوه أستاذ الثقافة الإسلامية والمجتمع في الجامعة الكندية في دبي، المحاضر في صندوق الزواج، الدكتور سيف راشد الجابري، بدور شرطة أبوظبي الكبير في التصدي لكل من تسول له نفسه استغلال حاجة بعض الفتيات ورغبتهن في الزواج والاستقرار، والاحتيال عليهن وابتزازهن، مشيراً إلى أن «مثل هذه الجرائم تخرّب المجتمع تحت ستار الدين أو استغلال حاجة فتيات إلى الزواج والاستقرار».

وأوضح الجابري أن «هذه الجرائم تظهر عندما لا نفتح نوافذ صحيحة لمعالجة المشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع، فتظهر مثل هذه النوافذ السلبية التي تستغل حاجة الناس، وتتلاعب بمشاعرهم وآمالهم، وتستولي بغير حق على أموالهم».

وتسأل «لماذا لا توفر الجهات المختصة قنوات رسمية لتغطية مسألة الزواج، ومساعدة الفتيات اللاتي تقدمن في العمر على إيجاد شريك حياة مناسب لهن، خصوصاً أن أمنية كل بنت هي الزواج؟»، متابعاً أن كثيراً من الفتيات مغلقة عليهن الأبواب، ولا أحد يراهن، بسبب آباء وأمهات لا يهتمون ولا يبالون، أو أخوة متسلطين، ما يدفع الفتيات إلى البحث عن أي وسيلة للزواج، فيقعن ضحية للمدعيات والمحتالات عبر الإنترنت.

وأشار إلى أنه بسبب عدم وجود قنوات رسمية وموثقة للتوفيق بين المواطنين، وتيسير أمور زواجهم، وجدت خاطبات غير موثوقات، ومواقع زواج إلكترونية تستغل حاجات الفتيات للزواج، وتبتز أموالهن، وتتحرج الضحايا عن إبلاغ الشرطة، خشية افتضاح أمرهن، مطالباً أية فتاة تريد المساعدة في البحث عن زوج بأن تلجأ إلى الجهات الرسمية التي يمكن أن تساعدها في مثل هذا الأمر، وأن تتحرى الدقة قبل أي تعامل أو إرسال معلومات أو أموال لخاطبات إلكترونيات، حتى لا يقعن فريسة لضعاف النفوس، مشدداً على أن أفراد المجتمع، رجالاً ونساء، في حاجة إلى جهة رسمية تساعد في التوفيق بين المواطنين في الحلال، خصوصاً أنه أمر جائز شرعاً وقانوناً.

من جانبها، اقترحت المستشارة الأسرية، موزة سعيد، أن «يتولى صندق الزواج إنشاء لجنة لمساعدة من تأخرت سن زواجهن في البحث عن زوج مناسب، وذلك لضمان الجدية والسرية في الموضوع»، مشيرة إلى أنها مستعدة للتطوع والعمل في هذه اللجنة في حال إنشائها.

وأبدت دهشتها من لجوء بعض المواطنات إلى خاطبات لا يعرفنهن ويطلبن مساعدتهن في الزواج، لافتة إلى أن مستوى الوعي العالي والرقي في المجتمع يتنافى مع الوقوع في مثل هذه الأخطاء الواضحة.

وأكدت أن «إسناد مهمة إنشاء لجنة للتوفيق والتنسيق بين المواطنين الراغبين في الزواج إلى صندوق الزواج يسهم في نجاحها وانتشارها، ووصولها إلى كل بيت، نظراً لثقة المجتمع بالصندوق وأهدافه، والنجاحات التي حققها على مدى تاريخه»، مشيرة إلى أن «معرفة عدد الفتيات اللاتي تخطين الـ30 عاماً ولم يتزوجن حتى الآن أصبحت أمراً بسيطاً، فيمكن حصرهن بسهولة عن طريق رقم الهوية أو التأمين الصحي».

وعزت سعيد سبب تأخر سن زواج العديد من الفتيات إلى رغبة العديد من الآباء في أن يكون المتقدم للزواج بابنتهم أعلى منها في المستوى المالي والاجتماعي، ورفض الخُطّاب ممن هم في مستوها أو أقل منها، ما يضيّع عليهن فرص الزواج وتكوين أسرة مستقرة.

من جانبها، شددت المستشارة الأسرية، عائشة الحويدي، على «ضرورة وجود لجنة رسمية على مستوى الدولة، تتكون من شخصيات وطنية معروفة، لمساعدة الفتيات اللاتي تقدم بهن العمر في الحصول على فرصة زواج مناسبة، وترشيحهن لمن يرغب من المواطنين في الزواج، خصوصاً أن من الصعب على الأهل أن يبحثوا عن عريس ويقوموا بعرض ابنتهم عليه».

وقالت «عندما تصل الفتاة إلى سن الـ30 دون زواج، تدخل في أزمة نفسية، لذلك لابد من وجود حل عملي، حتى لا تقع الفتيات في براثن المحتالين، مثلما حدث مع 15 ضحية وقعن ضحية خاطبة وهمية، ادعت قدرتها على ترشيحهن للزواج»، مشيرة إلى أن كثيراً من الأسر لديها فتيات يرغبن في الزواج، ولا يشعر بهن أحد.

وأضافت الحويدي «لابد من التكاتف، والسعي الجماعي لحل مشكلة العنوسة في المجتمع، وتغيير مفاهيم الشباب الذين يتركون بنات وطنهم ويسعون للزواج من جنسيات أخرى لأسباب شكلية»، مشيرة إلى أن مسألة مواجهة العنوسة تعد أمراً حيوياً للمجتمع وضمان استقراره مستقبلاً، لذلك لابد من أن تتولى الجهات الرسمية إنشاء جهة لحل هذه المشكلة.

من جانبه، حذّر المحامي أحمد رمضان من المواقع الإلكترونية الوهمية، التي تروج لتزويج الشباب والفتيات، مقابل الحصول على مبالغ مالية، مؤكداً أهمية رفع مستوى الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع بخطورة التعامل مع هذه المواقع، التي تستهدف الاحتيال على الراغبين في الزواج.

ونبه رمضان إلى أن قانون الشركات في الدولة يجرّم مزاولة أية مهنة أو نشاط تجاري من دون الحصول على إذن أو ترخيص من الجهات المعنية، ومن ثم لا يحق لأي شخص مزاولة أي نشاط أو مهنة على الإنترنت، أو الترويج الإلكتروني له، ما لم يحصل على ترخيص بذلك.

وأشار إلى أن قانون العقوبات وتقنية المعلومات والجرائم الإلكترونية، شدد العقوبة على عمليات الاحتيال على الأفراد، وكذلك في جرائم استغلال الإنترنت في ارتكاب الجرائم الواقعة على الفرد والمجتمع.

وأكد ضرورة تغليظ العقوبة في حال تبيّن أن مواقع الزواج الإلكترونية الوهمية تشكل ظاهرة تهدد أمن المجتمع، مع مواصلة حملات التوعية القانونية، خصوصاً من الجهات الأمنية والمؤسسات المعنية بأمور الأسرة والزواج في الدولة، لتجنب وقوع ضحايا جدد.

وكانت إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي، ألقت القبض أخيراً على الخاطبة الوهمية (أم سلطان)، التي أوهمت ضحاياها من الفتيات بـ«توفيق رأسين في الحلال»، مستترة خلف اسم وهمي في مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكّنت من الحصول على أموال عن طريق الحيلة، والاحتيال على 15 فتاة، وحصلت من بعضهن على مبالغ وصلت إلى 15 ألف درهم.

وكانت (أم سلطان) تختفي فور الحصول على المبالغ المالية من ضحاياها، وتم إلقاء القبض عليها، بعد أن قامت إحدى الضحايا بالإبلاغ عنها في شرطة أبوظبي التي تمكنت من القبض عليها، ومصادرة بعض الأدوات التي كانت تستخدمها في عمليات الاحتيال.

الخاطبة المحتالة

ذكر تقرير «علوم الدا«» في تلفزيون أبوظبي، أن خاطبة وهمية كانت تستخدم وسائل اتصال إلكتروني، واستمرت في عمليات الاحتيال واقتناص الضحايا، واحدة تلو الأخرى، خلف اسم مستعار أضفى عليها الوقار، ثم تتجه إلى المصارف كي تودع المبالغ في حسابها الشخصي.

وتمكنت إحدى الضحايا من كسر حاجز الخجل، وقامت بالإبلاغ عن «الخاطبة المحتالة»، حيث أكدت الضحية أن الخطابة تقاضت منها مبلغ 15 ألف درهم، ثم تواصلت معها، لتجد أنها اختفت وأغلقت أرقام هواتفها بالكامل.

وأكد قسم الجريمة المنظمة في إدارة التحريات في شرطة أبوظبي، الذي كشف تفاصيل الجريمة، أن «بعض الخاطبات يروّجن القدرة على التوفيق بين الضحايا وشخصيات مختلفة»، مشيراً إلى أنه «تمكن من الكشف عن الخطابة الوهمية، وبتفتيش منزلها تبين أنها تعاملت مع 15 ضحية، لكن من أبلغ كان واحدة فقط، نظراً للحرج».

وقالت شرطة أبوظبي إن الخاطبة الوهمية كوّنت ثروة من خوف الفتيات اللواتي حلمن بالاستقرار الأسري، ودعت إلى عدم التعامل مع هؤلاء المحتالين، وسرعة التعاون مع الجهات الأمنية للإبلاغ عنهن، خصوصاً أن هناك شرطيات ومحققات محترفات في تولِّي مثل هذه القضايا.

الأمارات اليوم

Exit mobile version