غازي على فراش المرض

[JUSTIFY]
غازي على فراش المرض

لم أسمع بما الم بالصديق الكبير غازي سليمان من مرض عضال لولا ما سمعته من الكلمة التي كتبها الأخ ضياء الدين بلال فقد قرأت كلمته بأذنِي، لأن أعيني فاضت بدمع متون وسخي، تجمع من كل فج في جسدي وانساب كما الينابيع.
غازي من جيل الوطنيين النادر الذي مزج بين الفكرة الحديثة والأصالة السودانية العبقة التي لونت وتلون حياتنا بالسماحة، تلك السماحة البائنة فينا، بساطة، وأريحية وخاطرا طيبا، وعبقرية نضرة، تلك هي الروافد التي الهمت تجربته وغذتها فأبدته سودانيا خالصا يتقن اللغات الأجنبية ويتحدث (بالدارجي) عرفته عام90 بسجن كوبر، كان شعلة من الفكاهة والتعليقات الرشيقة فنشأت علاقتنا على تلك القاعدة، يحكى نكتة، فاحكي نكتين يتناول قصة، فأوسع ظلالها ، ومتن صلتنا المرحوم سليمان محجوب، فصارت العلاقة صلة أخوية وروحية وسياسية. يعجبني فيه أنه يخضع تجاربه ومواقفه للمراجعة والتقويم، فهو من اوائل الشماليين الذين دعموا الحركة الشعبية وروجوا لقرنق من داخل السودان ومن مكتبه ودفع ثمن هذا الموقف معتقلات ونفيا، لكنه حين تحسس الحركة الشعبية بعد رحيل قرنق، وعرف المنعطفات السرية، والغرف شديدة الظلام، كان أول من جاهر بما تيقن منه فانطلق على (أولاد قرنق) التعبير الذي جرح شغاف الوطنية تعبير (أولاد رايس)!.
نفض غازي يده من تلك التجربة فهي في وجهها الحقيقي الذي تعبر عنه تتعارض جذريا مع كل مرتكزاته الفكرية والسياسية والاخلاقية وتلك الرواكز هي عصمته من الزلل.
يتطلب المضي أو التماهي مع اطروحة الحركة الشعبية في صورتها الحالية، أن تدين ثقافتك العربية الاسلامية، وتحملها مسؤولية اختلال الهوية والتهميش، وتبقيها أبد الدهر في قفص الاتهام، لتدينها بإحدى التهمتين أو بالتهمتين معا، وهذا أمر ليس من كيمياء غازي، بقدر ماهو أمر لا يليق إلا بالخلعاء!.
يعود لغازي سبق اكتشاف تخبي الغرب وراء الشعار الصاعد (حقوق الانسان) فقد تحسس باكرا ذلك السم المدسوس في هذا الشعار وكيف اختاره الغرب كى يصبح مخبئا أمينا وحرزا يمرر عبره الاجندة التي لاعلاقة لها بالإنسان ولا بحقوقه، وكشف غازي ببسالة المذهل والحارق والمثير، الأمر الذي جعل بعض الزعانف الأنتن رائحة من شميم (البلاعات) والأوسخ درنا من (موية العدة) يتطاولون عليه بمقالات مخصية ومفردات تشبه دواخلهم الموتورة، وعبارات مسلوخة من طبائعهم القذرة، تصديت لها بما لزم من التسفل!!.
شفاك الله ايها الحبيب، يا كبير القلب، يا طيب النوايا، يا أيها الممتد خطوطا ومعاني بكل ما يستبطنه شعبنا من خصال جرحت الشغاف النضر في القائم بالاعمال الأمريكي، تلك الخصال التي اختلطت بدمك وكيفت ذوقك عمديا، فأجلستك على قلوبنا. الشفاء لغازي يا شافي يا كافي.
[/JUSTIFY]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني

Exit mobile version