*لا يمكن ان يحل العنف محل الحوار ويروح ضحيته طالبان جامعيان ويصاب العشرات فى غضون اسبوع واحد فقط، ويظل الجناة طلقاء حتى هذه اللحظة، والبيان المقتضب الذى أصدرته وزارة الداخلية عن حادثة اغتيال الطالب بالسنة الثالثة بقسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب بجامعة ام درمان الاهلية الشهيد)محمد حافظ ويو( لم يشر الى وجود متهمين أو مشتبه بهم او توجيه تهم، وإنما أشار فى اقتضاب شديد الى )وفاة( الطالب نتيجة نقاش فى أحد أركان النقاش بالجامعة، وإصابة ثلاثة آخرين اصابات طفيفة، وتسليم الجثة الى ذوى الطالب بعد تشريحها، ومواصلة التحريات ومع ذلك نأمل ان تكتمل بأعجل ما تيسر.
* من المؤسف جــدا، ان يتخذ البعض من العنف فى منابر العلم والفكر، بــدلا عن الحوار والنقاش الموضوعى، ولقد تكررت الظاهرة كثيرا بدون أن تعمل جهات الاختصاص المختلفة سواء التربوية او الأخرى..إلخ، على معالجتها بحسم وصرامة حتى تشيع أجواء الحرية والأمــن واحترام الــرأى والــرأى الآخــر داخل الجامعات حتى تؤدى الدور المطلوب منها برفد المجتمع بكوادر واعية ومتحضرة تستطيع قيادة البلاد باقتدار ووعى ومسؤولية فى المستقبل، وهو ما لا يمكن أن يتحقق ابدا تحت ظل أجواء مشحونة بالعنف والكراهية، ومخضبة بالدماء!!
* العنف لا يولد الا العنف، والاعتداء لا يولد إلا الثأر، وهو أمر لا يختلف عليه إثنان، وقول سارت به الركبان منذ زمان بعيد بعد تجارب كثيرة ومتنوعة ومؤلمة فى استخدام العنف لقهر الآخرين، وكان دائما ما يرتد الى صدور مستخدميه، ولو بعد حين، ولهذا دعا الحكماء فى كل مكان وزمان الى نبذ العنف، واللجوء الى الحوار والنقاش لحل الخلافات، وإعلاء صوت العقل على صوت الرصاص، وهنالك قول قديم مشهور لا بد أن نـتأمله جيدا لنر ما فيه من حكمة جديرة بأن نعمل بها:»عندما يتوقف الكلام، تبدأ الحرب«.
* من يعتقد أنه فى مأمن من العنف والاعتداء لامتلاكه وسائل القوة، واستخدام العنف كوسيلة لقمع الآخرين، فهو يخدع نفسه، ولا يتعظ من تجارب الآخرين الكثيرة، فحتما سيرتد إليه العنف يوما ما، وحتى لو لم يرتد عليه، فسيظل سيفا مسلطا على رقبته فى كل الاوقات، يحيا خائفا منه طيلة حياته، وهو أمر أهون منه العنف مليون مرة، فليس هنالك ما هو أقسى وأصعب وأمر على الإنسان من الخوف، فلماذا يعش الانسان خائفا من الآخرين، إذا كانت هنالك فرصة للعيش معهم فى سلام.. فرصة قوامها الحوار والنقاش الموضوعى واحترام الــرأى الآخــر والديمقراطية، وليس العصى والسيخ والرصاص!!
*يجب ان تتضافر كل الجهود من أجل القضاء على العنف، وإيقاف المعتدين عند حدهم، وضبطهم وتقديمهم للعدالة، وإزالة كل مظاهر العنف من الجامعات، وعلى رأسها ظاهرة الأفراد الملثمين المسلحين الذين يعتدون على أركان النقاش، ويسيلون الدماء ويقتلون الابرياء، ويشيعون الفوضى والخراب!!