سعادة المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية، أخاطبك اليوم عبر هذا العمود المقروء (شهادتي لله) وقد كنت دوماً نصيراً للعاملين في هذه المهنة التي يرى فيها أهلها رغم الضنك والتعب والمشقة التي يلاقونها، أنها مهنة الرهق الجميل وريادة الأمة، ألا وهي مهنة الإعلام باختلاف ضروبه المرئي والمسموع والمقروء بجانب الالكتروني.
{أخاطبك أملاً أن تقدر الدولة ذكرى رجل فذ رحل عن دنيانا الفانية قبل أيام، ألا وهو المهندس “صلاح طه إسماعيل”، الإذاعي والتلفزيوني والإعلامي، والهندسي والسياسي، وإن شئت فقل الإعلامي الشامل، لقد عمل لمدة أربعين عاماً في هذه المجالات، ما اشتكى ولا خلد للنوم إلا قليلاً .
{“صلاح طه” ….سيدي الرئيس يعرفه كل أهل السودان، فقد جاب كل الولايات من الطينة في شمال دارفور إلى القلابات في القضارف، ومن محمد قول على ساحل البحر الأحمر إلى أم دافوق في جنوب دارفور، دعك من جنوبنا الحبيب أقال الله عثرته، ينشئ الإذاعات وينفخ فيها من روحه وإبداعه، ويبشر بسودان المستقبل الزاهر الباهر، ويقوي من لحمته الوطنية وحكمه الفدرالي وقبل هذا وذاك كان له الفضل بعد الله في إنشاء إذاعات السودان الخمس الأولى تأسيساً وتأثيثاً، وشموخاً، في كل من عطبرة وكسلا ودنقلا والأبيض، ومدني التي يوم كان مديرها جاء بيانك الأول في العام 1989، ساعتئذٍ انضم للثورة إيماناً بمشروعها وفكرتها والرغبة الكامنة في التغيير، فنقلت موجة ود مدني الإذاعية كل ما بث من أم درمان عن الثورة الجديدة، وهي لا تزال بعد في طور البدايات.
{“صلاح طه” ….تنقل بين الإذاعات، إذاعة إذاعة ومحطة محطة، يعالج مشاكلها ويقف ويزيل عقباتها إبان عمله كمدير للإذاعات الولائية والمتخصصة، والموجهة بل كما ذكر لي أحد الولاة وقتها أن “صلاح” كان يعلم بعطل الإذاعة قبل وزرائه والعاملين في محطته الولائية، يعتبر الإذاعات كبناته يسهر على راحتهن فإن اشتكت إحداهن وأصابها عطل هرع إليها ولو في جو مطير أو عاصفة هوجاء، يقضي الساعات والليالي داخلها ينسى أنه إداري أو مسئول في رئاسة الإذاعة القومية بل تجده وسط المهندسين يسكب عصارة علمه الهندسي حتى تعاود العمل والبث، فترتسم الابتسامة على وجهه ويغادرها بهدوء لأخرى.
{لم يكن يتواجد في مكتبه بأم درمان إلا يوماً أو بضعة يوم حامل عصا الترحال بين كوستي وكادوقلي والفاشر وبورتسودان حتى كنا نتساءل متى يذهب الرجل إلى منزله؟؟.
{وعندما أرادت وقتها إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون أن تترك للولايات الجمل بما حمل وتخلي مسئوليتها عن تلك الإذاعات التي بنيت بالدم والدموع وتخلي أمرها للولاة والوزراء يفعلون بها ما يريدون، امتثل الرجل للقرار وتفرغ لشركة أم درمان تكنولوجي الهندسية، وتولى أمر الإشراف على الأجهزة التي تستجلبها الهيئة انطلاقاً من خبرته وحنكته الهندسية.
{لم يكتفِ بالجلوس في مكتبه وإنما ظل في ترحال دائم مع إعلام منسقية الخدمة الوطنية إلى كل أصقاع السودان، يبشر بمشروعاتها وبرامجها وسط معسكرات عزة السودان، ينظم ويعد ويقدم السهرات الإذاعية، ويكتشف المواهب والمبدعين.
{وواصل عطاءه دون أن يستقي شيئاً فقدم الفنانين والأدباء والشعراء من المراكز الثقافية عبر برامجه المسموعة والمشاهدة (من خارج الاستديو) (أستديو النجوم) (مطرب وجمهور) وغيرها من البرامج الخلاقة.
{رغم كل هذا سيدي الرئيس …رحل صاحب هذا التاريخ وترك ثلاثة أبناء وبنتاً وحيدة، وزوجة مكلومة، يسكنون في بيت إيجار، ليس لهم إلا رصيد فقيدهم وفقيدنا، وقد كانت أموال الإذاعات الولائية والموجهة يوم كان مديراً عليها تجري من بين يديه، فلم يُعرها اهتماماً ولم تحدثه نفسه بأن يبني بيتاً أو يحوز على أرضٍ تأوي أسرته، ولو أراد لبنى القصور الشامخات ولجمع القناطير المقنطرة من المال والذهب.
{هذا الرجل الآن عند مليك مقتدر كان عشقه السودان، فتفانى في خدمته ولم يترك شيئاً .. أخاطبك اليوم سيدي رئيس الجمهورية …لتكرمه في أسرته بشراء منزل لهم يستظلون بظله ويحسون من خلاله أن جهد أبيهم لم يمض هباءً، وما قام به من أجل الإعلام والإعلاميين وجد الاهتمام من قائد هذا الوطن.
{ أكرم – سيدي الرئيس – “صلاح طه” وأهله وزملاءه ومحبيه ومن تعلموا على يديه فنون العمل الإعلامي، بمنزل يحدث الناس كل الناس أن المبدعين في بلادي مكانهم محفوظ، وجهدهم مقدر، من قيادة الدولة، فلا يعرف الوفاء إلا الوفاء .. أفعلها سيدي الرئيس فمن لصلاح طه وأسرته غيرك بعد الله جلت قدرته؟؟…..
المجهر السياسي