شبهات ود عبد الماجد!

الأخبار القادمة من ولاية الجزيرة تبشر بانتهاء الخلاف أو سوء الفهم بين الوالي محمد طاهر إيلا وأعضاء مؤثرين في المجلس التشريعي.
بغض النظر عن صاحب المبادرة بهذا الصلح، إيلا أم البرلمانيين، أعتقد أن ما تم أمر مفيدٌ وصحيٌّ لمصلحة الولاية؛ فلا يمكن توقع نجاح مشاريع تنموية وخدمية في أجواء استقطاب وعداء في كابينة القيادة!.
أهم ما يحدث في ولاية الجزيرة ليس رصف الطرق وإنارتها وتجميلها بالإنتر لوك ولكن المهم هو روح التفاؤل والأمل التي تسود القطاعات الشعبية والمجتمعية.
أكثر ما يُضعف المجتمعات ويهزم إرادتها ويُبرز سلبياتها الإحساس بالإحباط واليأس من المستقبل.
كثيرٌ من الأخطاء اُرتكبت من قِبِل الحكومات المتعاقبة في إدارة شأن ولاية الجزيرة ومشروعها رغم أنها أخطاء مترتبة عن تقديرات غير صائبة لا عن سوء قصد متعمد، لكنها برزت بمقياس نظرية المؤامرة كأنها استهداف لأسباب يجتهد الكثيرون في تفسيرها.
لذا جاء اختيار محمد طاهر إيلا والياً على ولاية الجزيرة للبعض كأنه اعتذارٌ غير مباشر وتصويبٌ لأوضاع تأذَّت منها الولاية لسنوات طوال.
كتبت قبل أسبوع في هذه المساحة.. “إيلا ليس ساحراً، ولا بهلواناً سياسياً، ولا ولياً صوفياً تجري على يديه الكرامات؛ هو سياسي صاحب رؤية تُمازج بين أرقام الاقتصاد والمُعادلات الاجتماعية، بارعٌ في استنباط الموارد وإدارة صرفها في ما يفيد الناس.
إيلا قادرٌ على إحداث علاقة فائدة ومنفعة بين شركات مثل زين ودال والنفيدي وأمين عبد اللطيف، مع مواطنين أمثال أدروب وأوهاج وحمد النيل والطريفي.
مشروعه في الأساس إحداث حالة استقرار اجتماعي وأمني بين المواطنين ورجال الأعمال، تحرسها المصالح المشتركة. إيلا لم يستعْلِ على مواطنيه، ولم يمنُّ عليهم بشيء.
يجد صديقنا الكاتب البريع محمد عبد الماجد في أخيرة الزميلة الانتباهة صعوبة وعسراً في تفسير أسباب الاهتمام والإشادة الواسعة التي يحظى بها إيلا من قبل عدد كبير من الكتاب في صحف الخرطوم هذه الأيام.
ربما أسهل تفسير لآخرين غير محمد عبد الماجد- فهو ذكي ولماح- أن بعض هؤلاء الكتاب أو أغلبهم يقدمون شهادات زائفة لمصالح متحققة أو مرتجاة.
ثمة خطوة واحدة كانت ستنهي حيرة ود عبد الماجد لو أنه قبل أن يمتطي صهوة قلمه طارحاً تساؤلات ذات طبيعة اشتباهية، كان عليه قطع تذكرة على أي بص بالميناء البري والسفر لود مدني أو المناقل للوقوف على ما يفعله إيلا هناك والاستماع للمواطنين.
مفهومٌ شائهٌ يسيطر على عدد مقدر من الزملاء وهو أن براعة وشجاعة الكاتب تتمثل في مقدرته على النقد والحديث عن السلبيات ذات الصلة بالسلطة الحاكمة.
مع سيادة هذا الفهم المختل والمعتل أصبحت الإشادة والثناء والتبشير بالمنجزات بضاعة إعلانية تترك للصفحات التسجيلية والأقلام المأجورة!
شجاعة الكاتب أن يكون صاحب إرادة مستقلة قادراً على تسديد النقد في مواضع القصور والتجاوزات وتسجيل الإشادات في أماكن الإحسان والتجويد.
الموقف الإيجابي من إيلا ليس موقفاً من الشخص؛ هو موقف من المنهج وطريقة التفكير التي تجمع بين وضوح الرؤية وقوة الإرادة.
موقفنا من إيلا لا يختلف عن الموقف من مولانا أحمد هارون في ولاية شمال كردفان ولن يختلف عن موقفنا من ود عبد الماجد صاحب (القراية أم دق) إذا أصبح والياً على ولاية نهر النيل بعد عمر غير طويل!

Exit mobile version