سيأتي يوم من يملك فيه الماء يملك حق الحياة وحق الرخاء . وأشك أن نكون من هؤلاء ، فجيش من الخبراء والعلماء والعملاء، يعملون على تجريدنا من ثرواتنا المائية ، ومكائد تحاك ضدنا بدأت علاماتها تظهر في مصر التي يُسرق نيلها ، وتذهب مياهه إلى بلدان لها علاقة بأعدائنا ، تماما كنهر الوزاني الذي تضخ مياهه من الأراضي السورية المحتلة نحو اسرائيل . وما دمنا أعداء أنفسنا فقد نتكفل نحن بتلويث مياهنا ، و تحويل أنهارنا إلى مرمى لنفايات المعامل والمواد المسرطنة ، كما هو الحال مع نهر الليطاني أكبر نهر في لبنان، والذي أصبح يُطلق عليه اسم ” مجرور الليطاني ” . وفي لبنان أيضا الذي كان أخضر بشهادة فيروز ، حيث تنهش الكسارات أجساد الجبال وتعري أحشاءها لتصنع منها حجارة لمباني تلتهم الغابات ، قد لا يترك جشع المقاولين مساحة خضراء للأجيال القادمة ، وقد لا تنجو سوى شجرة الأرز التي تزين العلم اللبناني .
أمّا العراق ، بلد المليون نخلة فلقد قرأت عن قدر نخيلها ما أبكاني . فالبصرة التي كانت واحة خضراء يعبرها الفرات ثاني أغزر نهر في العالم العربي مع النيل ، جفّ نهرها السخي المعطاء ، وراح نخيلها يحتضر ويتناقص بسبب أمراض أصابته ربما بسبب القنابل التي تساقطت عليه ، أيام الاحتلال الأمريكي ،ولم يبق منه سوى عدد هزيل يشي بما آل إليه عزّ أهلها .
تبعث لنا الطبيعة إشارات لا نراها لأننا مشغولين بمتابعة ما نعتقده أهم . وتقول لنا بزلازلها وفيضاناتها وجفافها و شتائها القارص وتلوث هوائها ، أننا تجاوزنا قدرتها على الصبر علينا . .لكننا لا نوليها أذنا صاغية ، تأخذنا الحياة . . وننسى ألاّ حياة على كوكب تغدو الطبيعة فيه عدوك الأول !