وجدي ميرغني وS24

* الأستاذ الرائع والصديق الجميل هيثم: السلام عليكم ورحمة الله وكل الود والأماني لك ولكل أحبابك ومتابعيك, وشكري أجزله على المساحات التي ظللت تمنحنا لها لمواصلة أهلنا العزاز في السودان الحبيب.
* شكري يمتد أيضا لسلسلة المقالات التي سطرتها لتستبين ما إذا كانت القناة الوليدة (S24) ستؤثر على قناة النيل الأزرق في سوق الإعلان أو في استقطاب الكوادر من النيل الأزرق.. لا سيما أن مالك القناة الجديدة هو صاحب النسبة الأعلى في أسهم قناة النيل الأزرق.. وكانت كلها، للحق، تساؤلات مشروعة ومهمة ويكفي أنها أثارت ردود فعل من كتاب أجلاء ومن الأخ وجدي في اتصاله..
ولا شك أن الأستاذ الطاهر التوم والأستاذ الطاهر ساتي قدما ما يكفي من مرافعات قوية وأدلة وبراهين تبين لماذا لجأ وجدي ميرغني للمخاطرة بإنشاء محطة تلفزيونية جديدة.. وقطع شك كلماتي لن تستطيع أن تطول تلك القامات علماً وحرفاً وأسلوباً.. ولكن حسب وعدي في رسالتي الأولى لك.. كان لابد أن أسطر ما أعرفه عن أخي الحبيب وجدي ميرغني وحلم القناة (24S).
* كما أسلفت لكم من قبل فإن الأخ وجدي من القلة من أبناء بلادي الذين لا زالوا يؤمنون بخير هذه الأرض المباركة، وظل على مدى السنين يكابد العناء في الاستثمار في أنبل المشاريع وهي الزراعة.. ومجموعة شركاته تعنى بكل ما يتعلق بالزراعة من مدخلات إنتاج ومشاريع زراعية ممتدة في مساحات شاسعة وحتى تصدير المحاصيل والمنتجات الزراعية.. ولو كان وجدي يستعجل الربح السريع والفاحش لفعل كما يفعل غيره من مضاربات تضر بالوطن والمواطن.. وهنا بيت القصيد، وهو استحالة أن يقوم وجدي بإنشاء قناة تضر بالنيل الأزرق التي له فيها النصيب الأكبر من الأسهم ويضر المواطن الممثل في الحكومة الشريك في النيل الأزرق فهذا ليس من أخلاق ولا معدن ذلك الرجل..!
* عندما قام وجدي بشراء الحصة الأكبر في النيل الأزرق وبحكم علاقتي العميقة الممتدة معه منذ النشأة وهو أخي الشقيق والحبيب، دعاني إلى منزله لاجتماع تشاوري بعد أن قام بشراء حصة الشيخ صالح الكامل وكان ذلك بعد أن رضخت هيئة التلفزيون لصوت العقل والعدل والمنطق ووافقت على مضض بتسليم وجدي حقه في النيل الأزرق بناء على التوجيهات العليا، في هذا الاجتماع طرح لي وجدي أفكاره ورؤيته المستقبلية لقناة النيل الأزرق بأن يجعلها محطة كبيرة تملك عدة قنوات متخصصة.. اقتصاديا وعلميا وثقافيا.. وأخبرني بأنه أعد الدراسات اللازمة والجدوى الفنية والاقتصادية لذلك المشروع الضخم الذي يمكن للحكومة زيادة نسبة أسهمها في مشروع قنوات النيل الأزرق, ولا أخفى عليك أني توجست من أنه سوف يضيع أمواله هباء وأن الاستثمار في النيل الأزرق وحدها مخاطرة والكل يعلم أنها أصلا خاسرة خسرانا مبينا.. فما بالك بالتوسع بجعلها محطة كبيرة تشمل عدة قنوات وأهمها بالنسبة لوجدي ميرغني وحلمه بأن تكون هناك قناة اقتصادية متخصصة، ولكني تعودت من وجدي بأنه يعرف كيف ينزل أفكاره موقع التنفيذ وعرفت عنه منذ زمن بعيد بأنه يؤمن بالتخصص وتوكيل الأمر لأهل الدراية والخبرة وكذلك يعلم تماما أهمية تفويض السلطات (delegation of powers) ليتمكن التنفيذيون من تحريك دولاب العمل وتطويره، واطمأننت كذلك في ذلك الاجتماع على مستقبل النيل الأزرق تلك القناة التي نالت محبة السودانيين داخل وخارج البلاد، وقال لي وجدي في ذلك الاجتماع إنه لن يغير في إدارة القناة التي تعنى بالمنوعات والترفيه في معظم البرامج مع مزيج من الأخبار والثقافة، وسوف يدعم تحسين أوضاع العاملين وكذلك دعم معينات العمل من استوديوهات وأجهزة وخلافه، وبعدها سوف يطرح مشاريع التوسعة والقنوات العلمية والثقافية وسيبدأ بالجانب الاقتصادي على الشركاء وتكون كلها تحت مسمى النيل الأزرق، وعلمت وقتها أن فكرة مشروع الإعلامي عند وجدي ميرغني هو مشروع جبار وفيه خير للوطن والمواطن إعلاميا وثقافيا وعلميا قبل الربح المادي، والربح لن يأتي سريعا (ذلك إن أتى أصلا) وأن حلم صديقي الأشم يتجاوز كثيرا الترفية والأغاني..!
* وكما تابع الجميع فإن ممثلي الحكومة في مجلس إدارة القناة تحفظوا عن الاستجابة، وآثروا أن تظل النيل الأزرق كما هي وتجاهلوا الشريك الأكبر ومقترحاته بالتوسعة ومنح الحكومة أسهما إضافية..
* زاد تصميم الأخ وجدي ورفاقه على المضي قدما في تأسيس محطة تلفزيونية جديدة تستوعب كل الرؤى والأفكار التطورية الجديدة وتحوي من العديد من البرامج الاقتصادية التحليلية والتعليمية والثقافية ولا بد أن تكون فيها برامج ترفيهية وسهرات حتى لا تكون جامدة (وناشفة يصعب هضمها).. وأقول لوجدي: “عداك اللوم وعملت العليك” وطرحت أفكارك على الشركاء فأبوا وتمنعوا, وقد يكونون توجسوا كما توجست أنا عند شرائك لحصة كبرى في النيل الأزرق.. ولكن لا ألومهم أيضا فإنهم لا يعرفونك كما نعرفك.. وأسأل الله أن يوفقكم لإضافة منبر إعلامي متميز يتيح لنا التباهي به كقناة سودانية في منتهى الرقي والتقدم.!
* صدقني أخي العزيز هيثم لا أريد أن أتحدث عن الجوانب الخيرة والإنسانية لأخي وجدي ميرغني.. لأن المقام ليس بمقام ذلك ولكي لا نقلل من أجره.. وقد عرفنا ولمسنا ذلك في الكثير من السوانح ولم يخبرنا هو بها..ولكن من باب (خيركم.. خيركم لأهله).. ووجدي خيره لأهله للقاصي والداني ولا نزكي على الله أحدا.. ربنا يجعله في ميزان حسناته.. ومن كان هذا ديدنه لا تتوقع من أن يتربح بطريقة رخيصة أو خسيسة، بل كان واضحاً وطرح برنامجه التطويري على الشركاء من صغيرهم إلى كبيرهم وأعطاهم الفرصة والفترة الكافية لكي يركبوا سفينة التطور ولكن…!!!
* دمت أستاذنا هيثم ودامت أيامك بكل النجاح والتوفيق.. وكل الود والمحبة.
محبكم
د. علي الكوباني
نفس أخير
* وخلف جويدة نردد:
أنا ما حزنت على سنين العمر طال العمر عندي أم قصر.. لكن أحزاني على الوطن الجريح.. وصرخة الحلم البريء المنكسر.

Exit mobile version