عبد الجليل سليمان

“شِنقل” فجر السعيد و”شِنقلة” الأسافير

“من الاكتشافات الجميلة التي اكتشفتها مؤخراً أن ‏السودانيين‬ عندهم تويتر وفيس بوك وانستغرام ويكتبون بالعربي ويسبون بعض، ‫برافو‬ باقي لكم سناب شات ويدخلونكم الاتحاد الأوروبي وتصيرون ضمن دول الشنقل”. وتقصِد اتفاقية (Schengen)، وتترجم إلى العربية على (شنغن أو شينجن).
الاقتباس بين القوسين أعلاه، للكاتبة الدرامية الكويتية فجر السعيد، مُعلقة على ردود الأفعال (السودانية) تجاه تغريدتها الشهيرة على تويتر: “بما أن البشير تجرأ وطالب مصر بحلايب وشلاتين، فلماذا لا يطالب السيسي باستعادة السودان كلها والخرائط موجودة”
بطبيعة الحال، أقامت تغريدات (السعيد) دنيا (السوادنة) الناشطين في الأسافير وعلى الأرض، ولم تُقعِدها، فقد تم إلقامها وإفحامها تو نشرها لتُرهاتها تلك، ولم تُترك لها (صفحة) تنام عليها، وهكذا قضى أمر الكاتبة الكويتية على أسنة رماح رماة الحدق، ورفع العزاء. وبالتالي، فإن وصولي إلى السرادق متأخرًا، وبعد مغادرة المعزين وذوي المرحومة (فجر السعيد)، ليس إلا من أجل التأمل في ما حدث وأنا في خلوة مع نفسي، بعيدًا عن ضوضاء العزاء وما ينجُم عنه من نحيب ونشيج وعويل وشق جيوب ولطم خدود.
والحال، إن تأملاتي هذه أوصلتني إلى أن هذه المرأة لا تستحق عناء الرد عليها، إلا في مساحة ضيقة وعبارات محدودة، فسيرتها المهنية مليئة بالتوترات وافتعال الإثارة، بجانب أنها سيرة مشكوك فيها، حيث أن معظم أعمالها الدرامية التي بُثت عبر الإذاعة والتلفزيون الكويتيين مقدوح في ذمتها، لجهة أنها ليست (كاتبتها الحقيقية)، وهذا القدح كثيرًا ما استدعى وقف بث أعمالها عبر تلك المؤسستين الرسميتين، إلى أن دشنت قناتها التلفزيونية الخاصة (سكوب)، في العام 2007م.
على أي حال، فإن من يكتب (شنقل) وهو يقصد (شنغن – Schengen)، فإنه يسهل على الآخرين الشك في ذمتيه المعرفية واللغوية، فمن الواضح أن (الكاتبة الدرامية الكبيرة) لا تعرف (أبو النوم) عن تلك الاتفاقية لدرجة أنها تكتبها، وبالتالي تنطقها خطأ (شنقل)، وهذا ما لا يقع فيه عوام الناس، فكيف لامرأة تدعي أن لها قامة إبداعية مديدة وبسطة في الجسم الدرامي، أن تتعثر وتتلعثم في أمر بسيط كهذا، لا يقع فيه (سقَّا سوداني بسيط) يبيع الماء في البوادي القصيَّة.
بالمناسبة، ما رأيكم في أن أتحفكم ببعض الكتابات الكويتية عن هذه (السعيد)، قبل أن أنتقل إلى الجزئية الثانية من تغريداتها (بتاعت العربي وتويتر وكده)، قالوا عنها “فجأة اكتشف الفنان حسين المنصور، شريك فجر السعيد بمؤسسة سكوب سنتر، أن أحد المكاتب التجارية السريَّة في القاهرة، يضم مجموعة من المؤلفين يكتبون باسمها أعمالا درامية يبعونها لها بمقابل مادي يزودون مؤسسة سكوب سنتر سنويًا بنص درامي من 30 حلقة يناسب المجتمع الكويتي ويحمل اسم فجر السعيد كمؤلفة للعمل، بدأ الاتفاق بمسلسل القرار الأخير أعقبته مسلسلات دارت الأيام ودروب الشك،
فكان أن أعلن المنصور فض الشركة احتجاجًا”.
أما عن الجزئية الثانية من تغريدتها التي أعربت فيها عن دهشتها من كوننا نستخدم تطبيقات (تويتر وانستغرام وفيس بوك) ونكتب فيها باللغة العربية ونشتم بها ونسب، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة (جامدة) وتأمل (كبير)، لأن الخفة في الرد على دهشة السعيد في هذا الصدد باعتبارها محض تخرصات وادعاءات صادرة عن شخص معتوه وموتور، تورد المهالك وتُوقِع في المخاطر والمحاذير، لأن هذه الرأي القائل بعدم عروبتنا وتخلفنا عن الركب التكنولوجي والحضاري الذي يظن الأعاريب أنهم بلغوا فيه شأوًا كبيرًا ومبلغًا قصيًا، يمثل تيارًا غالبًا في كل البلدان العربية حتى وسط المثقفين الكبار، لذلك فإن السعيد لن تكون مستثناة في هذا الصدد، فهي تعبر عن غالب (دهشة) أهل تلك المشيخات البدوية، من ما يرونها محض ادعاءات صادرة عن أفريقيين أقحاح مثل (السوادنة) ومن ماثلهم، يتلصقون بالعرب والعربية (وما عم بعرب)، على حد قول (الخلايجة).