“حين أشعر بأن بطارية تحملي بدأت بالنفاد، وبأن التعب تسلل إلى روحي مما أواجهه من ضغوطات عابرة، سواء على صعيد العمل أو الحياة- كوني شخصية تفكر كثيراً- أتذكر مقولة نسبت لإديسون، وهي أن النجاح هو عبارة عن 1 بالمئة من الإلهام، و99 بالمئة من الجهد! وحين أفعل، أستعيد شحن طاقتي من جديد، وأنجز بشكل أكبر، وكلي سعادة بما سيتحقق نتيجة ذلك التعب”، أنهت حديثها بتلك الجملة وغادرت قاعة المنتدى الذي كانت تشارك فيه، ودويّ التصفيق الحار يلازمها حتى اختفى طيفها خلف خشبة المسرح، ولم يكن الحضور الغفير يعرف بأن لها وجهاً آخر، يصارع المرض بابتسامة الإرادة، وروحاً أخرى لا تحب الكشف عن لحظات استسلامها مطلقاً!
بعد أيام، انتشر خبر رحيلها فجأة ودون أي مقدمات! فاشتعل اهتمام مواقع التواصل الاجتماعي بالباحثة الشابة، وأضحت القصة حديث المجالس في كل بيت، أما المنصات الإعلامية، فقد اجتهدت في فرز إنجازاتها المهملة، ونفض غبار النسيان عنها، حتى تصدرت سيرتها عناوين الصفحات الأولى، وحلقات البرامج التلفزيونية والإذاعية، ولم تتردد بعض المؤسسات الثقافية بمنحها ألقاباً وشهادات فخرية! بل وصل الأمر إلى تسمية أحد الشوارع باسمها! لكن أين هي الآن؟
لقد رحلت بهدوء، تماماً كما كانت تنجز بهدوء، لم تكن فجر تطمع في مال أو شهرة بقدر ما كانت تحلم بأن يلتفت العالم لأهمية ما تقدمه من أفكار خلاقة ومبادرات مميزة، ومن ثم ترى ما تبذله من جهد.. واقعاً معاشاً تستمتع بمتابعة تحقيقه بشغف.
بعد أن قرأت كلماتي يا عزيزي القارئ، ترى كم اسماً أومض في عقلك؟ كثير صح؟
حسناً سأنهي مقالي الآن بأن أتساءل.. إلى متى نترك الموت يوقظ إدراكنا لقيمة ما نملك؟