ماذا يُخفي (الجنرال) تحت قبعته.؟

قبيل سنوات كتبت مقالاً ساخناً عن قناة النيل الازرق اثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة جداً، واذكر ان هاتفي تلقى في ذلك اليوم مايقارب العشرين مكالمة هاتفية، كانت معظمها تلومني على ذلك المقال ويؤكد لي اصحابها بأنني قسوت خلاله كثيراً على القناة وعلى مديرها حسن فضل المولى، فيما نصحني آخرون بضرورة تقديم الاعتذار للجنرال عن بعض ماورد في فقرات ذلك المقال، لكنني رفضت الفكرة تماماً واكدت لاولئك بأن هذا القلم (حُر) في ان يكتب مايراه مناسباً وللجنرال الحق في اللجؤ للقضاء ان تضرر من كتاباته.
بعدها بيوم واحد، شآت الاقدار ان ارتاد احد المنتديات الفنية بالعاصمة، وان اصادف الجنرال امام بوابة المنتدى، واصدقكم القول انني جهزت نفسي لحظتها لخوض نقاش حاد جداً-وذلك وفق المؤثرات والانطباعات التى سببها مقالي الاخير-لكن ولدهشتي الشديدة استقبلني الجنرال بإبتسامة واسعة قبل ان يتحدث معي في الكثير من الاشياء لم يكن من بينها على الاطلاق موضوع المقال، الامر الذى استفزني وجعلني اسأله بدهشة: (انت ياجنرال ماقريت مقالي امس ولا شنو).؟..ليهز رأسه علامة الايجاب قبل ان يجيبني بسرعة: (اي قريتو…وهو في النهاية رأي شخصي بنحترمو).!…في تلك اللحظة فقط ادركت انني اقف امام مدير قناة فضائية (مختلف تماماً).
و(إختلاف) الجنرال عن كل مديري الفضائيات في السودان لايتمثل فقط في إمتلاكه للوعي الكاف بأهمية النقد وإحترام الصحافة، بل يتعدى ذلك ليصل الى قدرته الغير عادية في صناعة النجوم وخلق براح من الابداع الغير متناهي في اي مؤسسة اعلامية يقف على رأس ادارتها، الى جانب علاقاته الاجتماعية والانسانية الممتدة والتى دائماً ماتجعله عابراً لـ(كباري العاصمة) من اجل مجاملة فلان في حفل زواج، او مواساة علان في وفاة احد اقرباءه، تلك (الصفة) التى جعلته قريباً جداً من الناس، وساهمت وبقدر كبير في تقريب قناة النيل الازرق من المشاهد وجعلها القناة الاولى المفضلة له.
نعم، اكتب اليوم عن الجنرال (شهادة حق) ينبغي ان تقال، في ظل الاحداث المتلاحقة التى تشهدها قناة النيل الازرق، والاحاديث المتعددة التى تدور حول اقتراب نهاية بثها، تلك الاحاديث التى-وللغرابة- تناولت كل شئ خاص بإنهيار القناة لكنها في ذات التوقيت اغفلت جزئية مهمة للغاية تتمثل في وجود (الجنرال)، والذى اعتقد بأنه يمثل اكبر (كرت ضمان) لاستمرارية النيل الازرق بذات الجودة وبذات الالق، على الاقل لأنه مدير (حقيقي) له القدرة على اتخاذ القرار المناسب والحلول المناسبة، بعكس بعض القنوات الاخرى والتى يلعب فيها المدير دوراً تنفيذياً محدوداً خالياً من كل متلازمات (الابداع).

جدعة:
تحدث كل الناس عن هجرة المذيع الفلاني والمذيعة العلانية، وعن اسهم الدولة وعن تفكيك القناة وعن الكثير من متعلقات موضوع الساعة الراهن، لكنهم نسوا-او تناسوا- الاشارة الى وجود حسن فضل المولى، ذلك (الجنرال) الذى لايزال يخفي الكثير تحت (قبعته).

شربكة أخيرة:
صدقوني، إنهيار النيل الازرق لن يكون بمغادرة مذيع او مذيعة او حتى طاقم بأكمله، إنهيار تلك القناة يرتبط بمغادرة الجنرال فقط، لأنه الوحيد الذى يمتلك (كلمة السر).

Exit mobile version