ﻣﺠﺎﻟﺴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺧﻄﻴﺒﺔ
فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ :
ﺃﻧﺎ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ. ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻣﻌﻬﻦ ﺑﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﺧﺘﺎﺭ ﺯﻭﺟﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﻠﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻳﺼﻌﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﻴﺪ ﻟﻘﻠﺘﻬﻦ؟
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ :
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﺑﻌﺪ . ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﺎﻃﺐ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ (( ﻗﻞ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻐﻀﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﺼﺎﺭﻫﻢ ﻭﻳﺤﻔﻈﻮﺍ ﻓﺮﻭﺟﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺃﺯﻛﻰ ﻟﻬﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ)) ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﺎﻡ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ { ﺍﺿﻤﻨﻮﺍ ﻟﻲ ﺳﺘﺎً ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺃﺿﻤﻦ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺍﺻﺪﻗﻮﺍ ﺇﺫﺍ ﺣﺪﺛﺘﻢ ﻭﺃﻭﻓﻮﺍ ﺇﺫﺍ ﻭﻋﺪﺗﻢ ﻭﺃﺩﻭﺍ ﺇﺫﺍ ﺍﺅﺗﻤﻨﺘﻢ ﻭﺍﺣﻔﻈﻮﺍ ﻓﺮﻭﺟﻜﻢ ﻭﻏﻀﻮﺍ ﺃﺑﺼﺎﺭﻛﻢ ﻭﻛﻔﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻭﺃﻋﻤﺮ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺤﻮﺍﺱ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﺮ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ، ﻭﻭﺟﺐ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻨﻪ، ﻭﻏﻀﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺮﻣﺎﺕ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ { ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻗﺎﺕ . ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻟﺴﻨﺎ ﺑﺪ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻓﻴﻬﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺑﻴﺘﻢ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻓﺄﻋﻄﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﻘﻪ . ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻭﻣﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻏﺾ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻭﻛﻒ ﺍﻷﺫﻯ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ } ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻌﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ { لا ﺗﺘﺒﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻟﻚ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻟﻚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ } رﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ. ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻓﺎﺗﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺋﻞ ﻭﻻ ﺗﺘﺄﻭﻝ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ، ﻭﺳﻞ ﻧﻔﺴﻚ: ﺃﺗﺮﺿﻰ ﻫﺬﺍ ﻷﺧﺘﻚ ﺃﻭ ﺃﻣﻚ، ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺷﺎﺀ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺃﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻌﺠﺐ ﺑﻬﺎ ﻓﻴﺨﻄﺒﻬﺎ. ﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ { اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﺃﺣﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻡ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ } ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻪ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﻟﻠﻤﻐﻴﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﻌﺒﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺣﻴﻦ ﺫﻛﺮ ﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﺧﻄﺐ ﺍﻣﺮﺃﺓ، ﻭﻣﺜﻠﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺗﺰﻭﺝ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: { ﺃﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ؟ } ﻗﺎﻝ: ﻻ. ﻗﺎﻝ: { فاذهب ﻓﺎﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺃﻋﻴﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺷﻴﺌﺎً } ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻣﻦ ﺗﺰﻭﺝ ﺃﻭ ﻧﻮﻯ ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺃﺣﺪ ﻗﻂ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺒﺎﺡ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻠﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻴﺨﺘﺎﺭ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﻭﻕ ﻟﻪ، ﺃﻣﺎ ﺗﻌﻤﺪ ﻣﺠﺎﻟﺴﺘﻬﻦ ﻓﻬﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﻭﺀﺓ، ﻭﻗﺎﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺍﻟﻔﺘﻦ . ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻢ.