وزير المعادن والأحلام السعيدة !!

* من حين لآخر يخرج علينا السيد وزير المعادن بأحاديث وتصريحات عن وجود كميات ضخمة من المعادن في السودان يشغل بها الرأي العام ويثير الجدل ويزرع الأمل في نفوس البسطاء، بدون أن يملك في يده الدليل القاطع على صحة كلامه، وهو ما يتناقض مع كونه الوزير المسؤول عن المعادن ومن حملة شهادة الدكتوراة، الأمر الذي يحتم عليه التعامل بمنهج علمي مع الموضوع بعيداً عن المزايدات والتصريحات الهوائية، التي وإن خدمت هدفاً قصير المدى، فهي لن تلبث أن تنكشف بأسرع ما يمكن ويفقد الناس الثقة في الوزير وأهليته وكفاءته وصدق تصريحاته !!
* في العام الماضي خرج علينا الوزير بقنبلته الضخمة عن اكتشاف شركة (سيبريان) التي زعم أنها من أكبر الشركات الروسية في مجال التعدين، لـ( 46 ألف طن) من الذهب في السودان، وهو ما يعادل (17) مرة حجم الإنتاج العالمي، وكمية ضخمة تجعل السودان أغنى دولة في العالم بلا منازع، ثم اتضح في غضون أيام قليلة من إطلاق (قنبلته) شديدة الانفجار، أن الشركة التي زعم أنها روسية وستبدأ إنتاجها من الذهب في غضون 6 أشهر، ليست روسية ولا توجد شركة بهذا الاسم في روسيا، حسب تصريحات السفير الروسي بالخرطوم للصحف السودانية، وإنما هي شركة سودانية مسجلة لدى مسجل الشركات بالسودان، ولا يوجد أي دليل عملي على ما ادعته عن وجود تلك الكمية في السودان، خاصة أن الكشف عن الذهب وتقدير كميته في الأرض يحتاج الى عمليات كشف وتنقيب حقيقية وطويلة في باطن الأرض وتحليل العينات، قبل الوصول الى نتيجة قريبة من الواقع، وهو ما لم يحدث في السودان، وكان الوزير صرّح بأن الشركة استخدمت تقنيات حديثة (لم يفصح عنها ولا يدري أحد عنها شيئاً) في الوصول الى ذلك الاكتشاف الخطير!!
* لاحقاً، وكما يعرف الجميع، أعلن الوزير أن العقوبات الأمريكية وقفت حائلاً أمام حصول الشركة على قرض بقيمة (5 مليار دولار أمريكي) وإدخاله الى البلاد، وشيئاً فشيئاً اتضح أن الشركة الروسية وما زعمته عن وجود تلك الكمية الضخمة من الذهب في السودان مجرد فقاعة صابون، ليس إلا!!
* قبل يومين عاد السيد الوزير الى إطلاق قنابله الإعلامية شديدة الانفجار، وأعلن في حديث بمقر معهد العلوم القضائية والقانونية، أن الدراسات أثبتت وجود كميات كبيرة من المعادن، من بينها اليورانيوم، في الأراضي السودانية بكل ولايات السودان، وأن وزارة المعادن اتجهت للشركات العالمية صاحبة التقنيات العالية لاستخراج هذه المعادن، وذلك بدون أن يفصح سيادته عن نوع تلك الدراسات، ونوع المعادن المكتشفة وكميتها، وأسماء الشركات العالمية صاحبة التقنيات العالية التي ستقوم باستخراجها، وإذا ما كانت الشركة الروسية المزعومة المسجلة بالسودان والمعروفة بـ(سيبريان) هي إحدى هذه الشركات العالمية ذات التقنيات العالية التي ستستخرج اليورانيوم بعد أن أخفقت في استخراج الذهب!!
* سيدي الوزير، أنت وزير المعادن، وليس وزير الأحلام السعيدة، وشخص يحمل درجة الدكتوراة، وليس (تشاشي في سوق العيش)، فبالله عليك قل حديثاً نافعاً أو اصمت !!

Exit mobile version