* إذا أشدت بفنان ما في أغنية معينة وقلت إن كلماتها الرصينة أعجبتك ولحنها الآسر خطف انتباهك والأداء أضفى عليها بُعداً جمالياً نافس الكلمة واللحن فسيحدث الآتي:
اتصال هاتفي من الفنان أو الفنانة منذ التاسعة صباحاً يشكرك فيه على فهمك العميق وثقافتك الفنية (الخطيرة) ورؤيتك (التي لا يمكن لأحد أن يصل لها)، وسيتغزل ذلكم الفنان في قلمك ومقالاتك في جلساته المختلفة وستكون عنده مثالاً للنزاهة والأمانة والمهنية والفهم المتقدم والصحافة الرصينة و(… و….)!!
*.. وذات الفنان إذا دارت دورة الأيام وانتقدت أغنية من أعماله، وقلت إن كلماتها ركيكة أو مستهلكة أو مكررة، واللحن أكثر من عادي ناهيك أن تقول هابطة – بينما جاء الأداء جنائزياً وفاتراً ومنزوع الإحساس، فإنه لن يرجع للاستماع للأغنية لاحتمالية أن تكون رؤيتك صائبة و(خطيرة) مثلما حدث في المرة الفائتة، بل سيترك كل ما كتبته ويبدأ في الحديث عن عدم مهنيتك وضعفك الصحافي وفقدانك للقدرة على استيعاب الأغنية وعجزك عن قرائتها فنياً والتعاطي معها وسيعمل على (شيل حسك) في أي جلسة تجمعه بمستمع أو فنان أو إعلامي أو.. أو.. أو و(الذاكرة المثقوبة) ستجعله ينسى غزله القديم في كتاباتك ما بين طرفة عين وانتباهتها، وستصبح فجأة في نظره (قلما غير نبيل) وربما (كاتبا بلا ضمير)..!
* ثانياً: كثير من أهل الوسط الفني يتركون (النقد المكتوب) ويركزون على (كاتب النقد)، وهذه إشكالية أخرى!
* ثالثاً: هناك فنانون يدلون بتصريحات ساخنة أو مثيرة أو جريئة وما أن يعلِّق عليها كاتب حتى تبدأ رحلة (التملُّص المُخزي) منها، بل يمضي أحدهم إلى أبعد من ذلك وهو يسعى لإقناعك بأنه لم يقل لك ذاك الحديث.. وإذا شعر بأنك واضح ومُصِر وصريح وواجهته بالحقيقة، سيحاول الإلتفاف حول ما قاله، وسيعمل جاهداً من أجل (إقناعك جدلاً) بأنه قال حديثاً ربما لم يستطع إيضاحه بالشكل المناسب أو أن من حاوره لم يستوعبه بالصورة الحقيقية، ناسياً أنه (إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة، فإن فساد الرأي أن تترددا).
* رابعاً: إن كان ما يقوله أحدهم مؤسفاً، فإن الأكثر أسفاً أن يسعى لكسب ودك من باب (الخوف من حروفك) أكثر من الاستفادة مما خطه قلمك.. (ويا سيد ما تزعجنا بالتلفونات لو دا فهمك)..!
* خامساً: ما إن تكتب (حرفين ساخنين) عن مغنٍ حتى تزعجك الاتصالات وتبدأ رحلة التوضيحات وينشط (الأجاويد) وهذا يريدك أن تجلس مع المغني لتسمع منه بنفسك لأنك لا ترد على إتصالاته، وذاك يقدم لك دعوة للعشاء بغية سماع وجهة نظر من كتبت عنه، والغريب حقاً أن الفنان الذي (يوسِّط) كل معارفك سبق لك الجلوس معه عقب مقالات سابقة وبمبادرات من أعزاء ولم ينصلح غناؤه ولم يتحسن الحال، فكيف يطمع في إشادة منك عرضاً عبر ثنايا مقال.
* أخيراً: يبدو أنه إذا كان عدم تقبل النقد عند الفنانين كبيراً، فإنه في أوساط السياسيين والإعلاميين أكبر.
نفس أخير
ولنردد مع الكروانة لطيفة:
الحقيقة ساعات بتجرح..
بس أريح
وأنت لو ريحت قلبي بتستريح