:: التهانئ لصغارنا الذين نجحوا في إمتحانات شهادة الأساس بكل ولايات السودان، والدعاء لمن لم يحالفهم النجاح بعدم اليأس ثم التفوق في العام القادم.. بالخرطوم، بلغت نسبة النجاح في هذا العام ( 87.4%)، أي بزيادة ( 2.2%) عن إمتحانات العام الفائت..وكان التنافس في المرتبة الأولى مدهشاً، بحيث أحرزها بالإشتراك ( 45 تلميذاً)..ولقد أحسنت وزارة التربية بالخرطوم عملاً بعدم الإعلان عن ترتيب المدارس كما كانت تفعل كل عام، وعليها تجاوز إعلان ترتيب التلاميذ الأوائل ..!!
:: وعبد الصمد عثمان – صاحب مدرسة الخرطوم العالمية -غاضب على عدم إعلان المدارس الأولي، ويؤكد – لليوم التالي – بأن مدرسته تسيطر على المركز الأول منذ عقد ونيف، وكذلك في هذا العام، ولكن الوزارة لم تعلن ترتيب المدارس، وأنه بصدد تنظيم مؤتمر صحفي لإستخراج ترتيب المدارس، و..و..(زعلان)، و نجد له العذر، فالرجل من جيل نهج التربية والتعليم يُخرج التلاميذ في منتصف النهار من فصولهم إلى ساحة الطابور، ليوزع مشرف الفصل النتائج بصوت عال : ( الأول فلان فلتكان)، ( الأخير، زيد عبيد)، ولا يبالي بالآثار السالبة لهذا ( النهج المتخلف)..!!
:: ولعبد الصمد نحكي .. في المدارس اليابانية، يدرس تلميذ الصف الأول الابتدائي، بجانب المواد المدرسية، مادة أساسية اسمها (الطريق إلى الأخلاق)، ليتعلم ثقافة التعامل مع الآخر بوعي ومسؤولية..ومن الصف الأول الابتدائي، وحتى نهاية المرحلة المتوسطة، لا يُوجد ما يُسمى – في نهجنا المتخلف بالنجاح والرسوب – ولا الأول والطيش في النتائج..فالهدف في مرحلتي الأساس والمتوسطة ليس تلقين التلميذ المواد – بغرض الحفظ والتسميع – كما الببغاء، بل التربية وبناء الشخصية واكتشاف الموهبة واكتساب المعرفة وهي أهداف هذه المرحلة التعليمية..!!
:: وهناك يا عبد الصمد، مع الكتب والدفاتر والأقلام، يحرص التلميذ الياباني على أن تكون فرشاة أسنانه في حقيبته، ليستعملها عقب إفطاره وبهذا يكون قد تعلم الحفاظ على صحة وسلامة أسنانه، أي( مادة النظافة)..علماً بأن مدير المدرسة والأساتذة يسبقون تلاميذهم في الأكل والشراب من ذات المائدة المعدة للتلاميذ، ليتأكدوا – بالتجريب على أنفسهم – من سلامة ونظافة طعام تلاميذهم، وهذه مادة – عملية – يمكن تسميتها ( مادة التضحية)..ومع عمال النظافة، يشارك المدير والأساتذة والتلاميذ في نظافة مدرستهم لمدة ربع ساعة يومياً، ومن هنا يتعلم التلميذ التواضع ثم الحرص على نظافة مدرسته، أي ( مادة القدوة) ..!!
:: وبالتعليم المثالي يا عبد الصمد، يكتسب الشعب الياباني وعياً يسمى عامل النظافة (مهندس الصحة)..وبالتعليم المثالي، لا يستخدم الياباني الهاتف السيار في المركبات والأماكن العامة، أي هذا لم يحدث بالمحاذير والملصقات والعقاب، بل يمتنع عن الاستخدام بالفطرة السوية التي شكلتها التربية والتعليم في طفولته..وبالمطاعم، لا يطلب الياباني من الأكل والشرب إلا ما يسد بهما (جوعه فقط)، ويحرص أن ينهض من المائدة تاركاً النظافة كدليل على أنه لم يطلب إلا ليأكل، وليس ليرميه في (القمامة).. !!
:: وبالتعليم المثالي، يا عبد الصمد، إذا تأخر القطار عن إحدى المحطات خمس دقائق فقط لا غير، فهذا حدث يُستدعي المساءلة والمحاسبة العادلة.. وعليه، فليغضب عبد الصمد- وكل أهل السودان – في سبيل التعليم المثالي الذي يُرسخ القيم الفاضلة وكل مكارم الأخلاق في (الجيل الناشئ )، وما لم يصبح هذا التعليم مثالياً فلا معنى – ولا جدوى – لترتيب المدارس والتلاميذ.. وقديماً قالوا : في سباق الحمير ( الأول حمار) و( الطيش حمار).. أي بدلا عن إهدار الوقت والكلام في مثل ( هذه الفارغة)، فأضغطوا على الحكومة لتجمع الخبراء ليعدوا لأجيال السودان (مناهج تعليمية) و( سلم تربوي ) ..!!