تأسفت وأنا اقرأ أمس خبراً عن رفض الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة الدكتور “جلال يوسف الدقير” مساعد رئيس الجمهورية، الامتثال لقرار مجلس الأحزاب السياسية الأخير بشأن فصل مساعديه وإبطال بعض القرارات الأخرى، مجلس الأحزاب جهاز مستقل شُكل بموجب قانون أجازه البرلمان وحدد سلطاته ومهامه وليس هو منظمة طوعية، تكون قراراتها غير ملزمة.
مجلس الأحزاب مسؤول عن تنظيم عمل الأحزاب وحسم النزاعات السياسية فيه، وعدم تنفيذ قرارات المجلس أياً كانت، توقع الجهة في مخالفة الدستور وتجاوز السلطات الدستورية.
من قبل كتبت منتقداً تصعيد الوزيرة السابقة مساعد رئيس الحزب “إشراقة سيد محمود” للصراع مع الأمين العام للحزب دكتور “الدقير”، وأشرت إلى ملاحظة أن الدستوريين لا يحتملون أن يتم الزج بهم في رصيف السلطة، ولذلك ثارت الوزيرة، لم يمضِ ذلك الخلاف إلى سبيله واختار الطرف المتظلم الامتثال للسلطة الرقابية لعمل الأحزاب، فكانت شكوى الأستاذة “إشراقة” وآخرين ضد قرارات الأمين العام، وهي خطوة حضارية رغم ملاحظتي التي يمكن أن تكون صواباً أو خطأ، وبالفعل نظر هذا المجلس الموقر عبر هيئة تضم قضاة وقانونيين ضليعين، واستدعى وحقق ومحص وطلب الإفادات من الجناح الآخر، وهو جناح الأمين العام، وتمت مكاتبات وجلسات وجلسات وعندما تعذر مسعى المجلس في تجاوز المشكلة عبر التسوية والصلح، أصدر قراره بحق المفصولين وبعض الإجراءات الأخرى.
نحن نعرف دائماً أن الأحزاب هي الواجهة الرئيسية للعمل السياسي والديمقراطي الذي يقبل الآخر ويحترم القانون والدستور، إلا أن محاولة الأمين العام بعدم الانصياع لقرارات مجلس الأحزاب تعود إلى حزبه وتمثل إدانة دستورية لمن ارتضى أن ينخرط في السلك الدستوري وتمثل تكسيراً للقوانين التي تحكم النشاط السياسي، تأسفت لأن قرارات جديدة صدرت من الأمين العام للحزب الاتحادي الدكتور “جلال يوسف الدقير” قضت بإعفاء جميع مساعديه من مناصبهم وتكليف الأمناء بشغل أماكنهم إلى حين تعيين مساعدين جدد خلال الأيام القادمة، تناسى الحزب توجيه مجلس الأحزاب بعقد مؤتمره العام لحسم كثير من المشكلات باعتبار أنه سلطة رقابية واختار أقرب السبل لحسم الصراع وهو إلغاء قرارات المجلس بجرة قلم أو عبر بيان صحفي، ما هكذا تحترم القوانين والدساتير، ليس قرار مجلس الأحزاب الذي لم يأتِ لصالح الأمين العام، نهاية المطاف، فقد أعطاه القانون حق الطعن في القرار الصادر، لكن الحزب قرر طعناً آخر وهو الطعن في الشرعية، لأنه ليس من تفسير في عدم قبول قرارات مجلس الأحزاب أو الطعن فيها إلا هذه المفردة.
أتمنى أن يتراجع هذا الحزب العريق عن هذا القرار الذي سيعيده إلى الوراء، تقديراً لقاعدته الجماهيرية العريضة التي ظهرت خلال الانتخابات الأخيرة، والله المستعان