ضرار بالهول الفلاسي : لماذا مصر؟

تستحق الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر على مدى خمسة أيام أن نفهمها في سياقها الطبيعي، نظراً إلى ما حملته من دلالات عميقة حول نظرة دول الخليج إلى ثقل مصر الاستراتيجي.

لقد حرصت القيادة السعودية، وأيدتها القيادة الإماراتية التي شاركت في أهم مفاصل الزيارة، ممثلة بسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، أن تكون زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر »زيارة دولة« بالمفهوم الاصطلاحي، ما يعني التعامل مع مختلف مؤسسات الدولة وقطاعات المجتمع، لذلك وجدنا الملك سلمان بن عبد العزيز يزور الجامع الأزهر ويلتقي شيخه، ويجتمع ببطريرك الأقباط، ويلقي خطابين في البرلمان وجامعة القاهرة، مثلما يدعو إلى مائدة العشاء نخبة واسعة من المفكرين والمثقفين والفنانين والسياسيين، فضلاً عن لقاءات القمة مع الرئيس السيسي، وتوقيع اتفاقيات حكومية واستثمارية شملت مختلف قطاعات التعاون الاقتصادي والسياسي والتقني والعسكري بين البلدين الشقيقين.

إن الرسالة الأهم في هذه الزيارة التاريخية وطبيعتها البروتوكولية الممتدة أننا نبني على علاقاتنا الاستراتيجية مع مصر الدولة والتاريخ والحاضر والمستقبل والحضارة والموقع والمخزون الاستراتيجي وحجر الزاوية للمنطقة ككل. ويخطئ من يحاول اختزال الزيارة في جزئية التخلص من الإخوان، فهؤلاء انتهوا استراتيجياً من زمن بعيد.

المهم اليوم هو مصر، وكما أقول دائماً، فمصر هي حجر الدومينو الرئيس الذي إذا انهار، انهارت كل أحجار الدومينو التالية له، لا سمح الله ولا قدر. وهذه المعادلة مهم جداً أن نفهمها، لأنك عندما تهدم العمود الرئيس للبيت ينهار البيت كله، وعندما تضرب الرأس تنهار الأطراف.

نحن في ساحة مواجهة حقيقية »مع من لا يريدون الخير لنا« من أجل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا، ومصر هي حجر الرحى وفرس الرهان، ولذلك عندما ندافع عن مصر، دولةً وشعباً، فإنما ندافع عن أنفسنا، ولكي نتذكر حجم التحدي، دعونا نتذكر حجم المؤامرة وحجم ما بُذل لتركيع مصر وإخضاعها وإضعافها، لذلك يجب أن يكون دورنا في الحد الأدنى معادلاً لحجم ما تتعرض له مصر من مؤامرات إن لم يكن أكثر، ومرة أخرى، دفاعاً عن أنفسنا من خلال الدفاع عن مصر.

وما أصدقها كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يوم قال عند زيارته للقاهرة في مارس العام الماضي: »إن جمهورية مصر العربية هي صمام أمان حقيقي للمنطقة، بما تمثله من ثقل استراتيجي وأمني لكل شعوب ودول المنطقة«.

صحيح أن زيارة الملك سلمان للقاهرة تمت باسم العلاقات السعودية المصرية، لكنها في المعنى والنتائج والاستراتيجية رسالة الأمة إلى مصر، أننا معها لأنها منا ونحن منها، وهذه هي الأهمية الحقيقية للزيارة!

 

 

البيان

Exit mobile version