* عندما رفعت وزارة الصحة بولاية الخرطوم شعار (نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف)، تفاعل كثيرون مع ذلك الشعار وأيدوه، استشعاراً منهم لأهمية توفير الخدمات الصحية في مناطق طرفية ذات كثافة سكانية عالية، بخلاف أن تطوير تلك المستشفيات يوفر العلاج للمرضى بالقرب في مناطقهم، ويوفر الوقت لينقذ حياة الكثيرين.
* ولكن.. هل تم فعلاً نقل وتطوير الخدمات الصحية في الأطراف؟
* مستشفى إبراهيم مالك الذي ورث مستشفى الخرطوم، وأناب عنه في تقديم الخدمات العلاجية لمعظم التخصصات المهمة لا يقع في منطقة طرفية، لأنه موجود بحي الصحافة، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن قلب العاصمة.
* يجهل كثيرون حقيقة مهمة، مفادها أن ستاً من محليات الخرطوم السبع، تخلو مستشفياتها الحكومية التابعة للولاية من أي جهاز للأشعة المقطعية حتى اللحظة.
* أي مواطن يتعرض لحادث مروري في طريق التحدي، أو طريق (الخرطوم كوستي)، أو شريان الشمال، أو الطريق الدائري بشرق النيل، سيجد مسعفوه أنفسهم مضطرين لنقله إلى مستشفى إبراهيم مالك، أو مركز التميز للطوارئ بالأكاديمي (صاحب الحظوة)، لإجراء أشعة مقطعية للرأس.
* ألم يكن من الأجدى أن يتم تحويل الجهاز الموجود في مركز التميز للطوارئ إلى بحري أو أم درمان أو أم بدة أو التركي مثلاً؟
* أي مواطن يصاب في رأسه بالعاصمة لابد أن ينقل إلى (إبراهيم مالك) لإجراء الأشعة المقطعية له، لأن كل المستشفيات الحكومية الموجودة في محلية بحري تخلو من الجهاز المذكور، والحديث نفسه ينطبق على كل المستشفيات الحكومية بمحليات أم درمان وشرق النيل وأم بدة وجبل أولياء وكرري!
* أما عن حال المستشفيات الطرفية فحدث ولا حرج!
* من يتجول في مستشفيات أم بدة والبان جديد (بالحاج يوسف)، والفتح (2) بأطراف أم درمان، وجبل أولياء، والتركي بالكلاكلة، والشهيد علي عبد الفتاح بالدروشاب، والجزيرة سلانج، وبقية المستشفيات الطرفية سيكتشف من فوره أن شعار نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف يمثل أكذوبة كبرى، تم الترويج لها بكثافة، من دون أن يسندها أي واقع على الأرض.
* عندما بادر بعض أعضاء المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بزيارة مستشفى الفتح، اكتشفوا أن أحد عنابره تم تحويله إلى (داخلية) للبنات، وهالهم ما رأوه فيه من تواضع للخدمات، وغياب للكوادر الطبية المؤهلة، في مبنى يحمل اسم مستشفى تجاوزاً.
* في مستشفى الجزيرة سلانج يتم إجراء العمليات الجراحية مرة واحدة في الأسبوع.
* في مستشفى البان جديد بالحاج يوسف، ذات الكثافة السكانية العالية، لا توجد قسطرة ولا رنين مغنطيسي ولا أشعة مقطعية ولا يحزنون، والأطباء يشكون مر الشكوى من عدم توفر معينات العمل.
* مستشفى أم بدة، الذي يقع في أكثر مناطق السودان ازدحاماً (السودان كله وليس العاصمة فحسب)، لا توجد فيه أشعة مقطعية ولا رنين مغنطيسي، وما يتوافر له من إمكانات وأجهزة لا يقارن مطلقاً بالخدمات والمعينات الطبية والأجهزة المتوافرة للمستشفى الأكاديمي، الذي يقع في حي صغير، ذي كثافة سكانية منخفضة (امتداد الدرجة الثالثة)، ونحن نترك مسببات تمييز (الأكاديمي) لفطنة القراء!.
* على مدى خمس سنوات خصصت حكومة ولاية الخرطوم أكثر من ثمانمائة مليار جنيه لدعم الصحة في العاصمة، ومع ذلك لم تستورد وزارة حميدة أي جهاز للرنين المغنطيسي، لأيّ من مستشفيات الولاية، مع تمام علم د. حميدة بأهمية الجهاز المذكور، بدليل أنه حرص على توفيره في مستشفياته الخاصة، يستبشرون (1)، ويستبشرون (2)، و(الزيتونة).. لماذا؟
نواصل!