الخلافات الزوجية من المواضيع الخطيرة جداً، التي لا تنتبه إليها كثير من الأسر، خصوصاً الآباء، الذين يتناقشون ويتنابزون أحياناً أمام الأطفال في البيت، ولا ينتبهون ولا يلتفتون إلى الآثار الخطيرة والسلبية التي يمكن أن تنعكس عليهم، وفي أحيان كثيرة يتناسى الزوجان مهمتهما الأولى بالتربية، ليزداد اختلاف وجهات النظر، الأمر الذي يؤثر نفسياً على الأبناء من خلال التوتر والقلق الدائم وعدم الشعور بالطمأنينة، مما يؤثر عليهم سلوكياً، فتظهر بعضها كالأحلام المزعجة أو إهمال الدراسة أو الانطواء والعزلة أو العدوانية، أو تفريغ هذا الغضب على الآخرين.
«البيان» طرحت موضوع الخلافات الزوجية للنقاش مع عدد من المختصين للوقوف على آثارها السلبية على جميع أفراد الأسرة، إضافة إلى التعرف إلى أهم الطرق التي تساهم في الحد منها وبالتالي تنشئة أجيال صالحة تؤهلهم ليكونوا عوناً لأنفسهم وأسرهم وأوطانهم.
التفكك الأسري
أفاد العميد الشيخ سلطان بن عبدالله النعيمي، قائد عام شرطة عجمان بأن أغلب القضايا التي يتورط فيها الأحداث تكون بسبب التفكك الأسري، وغياب دور الأب، وعدم سيطرة الأم على الأبناء لاسيما في طور المراهقة الذي يحتاج إلى وجود الأب في الرقابة والإرشاد.
وبين أنه ينبغي على الزوجين أن يراعيا حسن التنشئة والتربية السليمة للأبناء، والتوافق على منهج موحد في التعامل معهم، والاختيار المشترك لما يناسب عمرهم من ألعاب وبرامج ترفيهية، وما يشاهدونه في القنوات، أو يتعاملون معه من مواقع وصفحات على الإنترنت وغيره.
وذكر أن أبرز القضايا الأسرية التي تحدث عقب انفصال الزوجين هي قضية ضم الأولاد وكيفية رؤيتهم من الطرف الآخر، مشيراً الى أن الشرطة تنظيم حق الرؤية وفق قرار المحكمة الصادر، واستلام الأطفال وتسليمهم الى الأب أو الأم، كما أننا نسعى دائماً إلى عدم التدخل في القضايا الأسرية، وان تم التدخل يكون في طور السرية من اجل حماية خصوصيات الأسر وتقديم النصح والإرشاد من قبل مختصين يعملون في الشرطة المجتمعية والعمل على تقريب وجهات النظر من اجل حماية الأبناء.
وأشار قائد عام شرطة عجمان إلى أهمية اتفاق الزوجين بعد الطلاق على أمور عدة أهمها كيفية تربية أولادهما وتعليمهم والحرص على توفير جو صحي خالٍ من الخلافات الأسرية التي تزرع في نفوس الأبناء الكراهية والحقد، فضلاً عن ضرورة قيام الأب بتوفير جميع احتياجات الأسرة المادية.
حماية الأطفال
بدوره يرى الدكتور فلاح خطاب استشاري الأمراض النفسية بمستشفى الشيخ خليفة في عجمان، أهمية أن يتغلب الزوجان على مشكلاتهما وذلك من اجل حماية أطفالهما من الضياع.
ولفت إلى أن السلوك الخاطئ للوالدين ونزاعهما أمام أطفالهما واضطراب الأسرة، وضعف الأواصر بين الزوجين يدفع الطفل إلى الشعور بفقدان الأمن، لينظر إلى الحياة نظرة متشائمة، مضيفاً أن الأطفال الذين ينمون ويترعرعون في ظل هذه الأسرة يتصفون بالهزال، وانهيار المعنويات، وكذلك الإصابة بتخلف دراسي. وأبان ان المشكلات الزوجية لابد من معالجتها بحكمة لعدم التأثر الشديد على الأبناء، مشيراً الى أن الطفل إذا لاحظ غياب احد الوالدين من حياته نهائياً يتولد داخله الاكتئاب النفسي ومشكلات نفسية واجتماعية عدة.
وتابع خطاب «يتأثر الأبناء المراهقون بغياب احد الوالدين لأنهم يعيشون فترة تحتاج إلى رعاية معينة وعطف، لذلك في حالة الانفصال يتوجب على الوالدين عدم شحن الأبناء وتشتيت مشاعرهم بين الطرفين، إضافة إلى أهمية أن يعي الآباء دور كل منهما تجاه الأسرة».
وأردف أن الطلاق له تأثير كبير في الأبناء وحياتهم المستقبلية إذا لم يكن الزوجان المنفصلان على علم ودراية بكيفية إدارة سفينة الأسرة بعد الانفصال، مشيراً إلى أهمية التعاون الذي تكون ثمرته خروج أبناء صالحين للمجتمع وليس حاقدين بسبب الظروف النفسية التي يعيشونها بفقدان احد الوالدين في حياتهم اليومية، وألا تتحول العلاقة بين الوالدين بعد الطلاق الى عداء وحرب ولكن يجب أن يسود بينهما التفاهم التام وتبيان هذا الشعور بين الأولاد لتعزيز الثقة في نفوسهم وتوضيح العلاقة الجديدة بكل هدوء، وأن يتعاونا في سبيل إسعاد أولادهما.
توجيه ونصح
من جانبها قالت زهرة محمد أحمد الفارسي موجهة أسرية بمحكمة الأسرة في عجمان، إن دور التوجيه الأسري في المحاكم يتمثل في التقليل والحد من حالات الطلاق وتقديم النصح للزوجين بأهمية الحفاظ على كيان الأسرة.
وأشارت إلى أن عملية الطلاق لا تحصل إلا في حالة أصبحت الحياة شبه مستحيلة بين الطرفين، مؤكدة أن غالبية المطلقين يقومون باستمالة الأبناء دون مراعاة أن هذا الأمر يجعلهم يعيشون في حالة تشتت في العواطف بين الأب والأم.
وطالبت الفارسي بضرورة استخدام الحكمة من الطرفين من اجل الأبناء وعدم إدخالهم في الخلافات، مؤكدة أن الطلاق الناجح يكون بتفاهم الزوجين بانفصال تكون آثاره طفيفة وغير مؤثرة في كيان الأسرة بصورة كبيرة.
مشكلات معقدة
قال الدكتور فلاح خطاب، إن الخلافات الزوجية تبدأ بسيطة، إلاّ أن الزوجين لا يدركان خطورة تراكمها فترات طويلة، أو تكرارها واستمرارها، لأنها بعد فترة ستتحول إلى مشكلات حقيقية مركبة ومعقدة، مما يترك الأثر السلبي على الزوجين أنفسهما ثم على الأبناء، مضيفاً أن ما يجهله بعض الوالدين تأثير ذلك على نفسية الأبناء، خصوصاً أنهم يحتاجون إلى الاستقرار النفسي والمعنوي الذي يشعرهم بالأمان.
البيان