يرى خبراء واقتصاديون أنه لن توجد عوائق أمام تطبيق نظام “غرين كارد” (رخصة إقامة دائمة) في السعودية، بسبب الخبرة التي تمتلكها المملكة في استقبال المستثمرين الأجانب، ولاسيما أن عشرات الآلاف يحملون إقامة “مستثمر”.
وكان ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قد كشف مطلع الشهر الجاري في مقابلة مع وكالة بلومبرج (خاصة)، عن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة التي تعتزم السعودية تنفيذها، والتي من المتوقع أن توفر إيرادات مالية جديدة تصل على الأقل 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2020.
من هذه الإصلاحات، دراسة لتطبيق برنامج شبيه بنظام “غرين كارد” (البطاقة الخضراء) الأميركية، يستهدف المقيمين بالمملكة والسماح بتوظيف المزيد من العمال الأجانب فوق الحصة المسموحة بها، مقابل رسوم.
mohammed bin salman
ويتفق الخبراء أن تطبيق النظام سيتجاوز توفير 10 مليارات دولار سنوياً، إلى خفض تحويلات الأجانب إلى الخارج، وضخ استثمارات ورؤوس أموال وصناعات جديدة تمثل قيمة مضافةً للاقتصاد السعودي، ويلغي نظام “الكفيل”.
وارتفع إجمالي تحويلات الأجانب في السعودية إلى مستوى قياسي عام 2015، ليبلغ 42 مليار دولار، مرتفعاً بنسبة 2.3% عن عام 2014.
وقال محمد العنقري الكاتب والمحلل في مجال الاقتصاد والأسواق المالية (سعودي)، أن تطبيق السعودية لموضوع “الغرين كارد” سيتضح من خلاله مدى الاستفادة من تطبيقه أكثر بعد الإفصاح عن تفاصيله، لكن المتاح الآن هو العائد المتوقع البالغ 10 مليارات دولار سنوياً.
mohammed bin salman
وأضاف أن تطبيق “الغرين كارد” سيكون له فوائد اقتصادية عديدة منها العائد المباشر من الرسوم على “الغرين كارد”، وخفض التحويلات للأجانب في البلاد وضخ استثمارات ورؤوس أموال وصناعات جديدة تمثل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي.. كما أنه يلغي فكرة “الكفيل”.
وتابع، “في المقابل سيستفيد الحاصل على “الغرين كارد” فوائد عدة من الإقامة الدائمة في بلد قوي اقتصادياً وسيكون قادراً على الاستثمار وشراء العقارات والأصول المختلفة”.
وتشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، أن عدد الأجانب بلغ 10.07 ملايين نسمة عام 2015، ما يمثل نسبة 33% من إجمالي عدد السكان في البلاد البالغ 30.6 مليون نسمة.
وقال العنقري إن الدول المطبقة لـ”الغرين كارد”، دول قوية اقتصادياً مثل الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية كبرى، “بالتالي فالهدف منها ليست الإيرادات المتوقعة بالأساس، بل أمور أخرى منها استقطاب كفاءات علمية وطبية وغيرها تحتاج إليها هذه الدول وهو ما ينطبق على السعودية”.
وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم في الوقت الراهن من تراجع حاد في إيراداتها المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام، بنسبة 68% عما كانت عليه عام 2014، تزامناً مع إعلانها موازنة تتضمن عجزاً يبلغ 87 مليار دولار أميركي للسنة المالية الحالية.
وتراجعت الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، بنسبة 1.6% خلال فبراير/شباط الماضي إلى 2.222 تريليون ريال (592.7 مليار دولار)، مقابل 2.258 تريليون ريال في يناير/كانون الثاني الذي سبقه.
mohammed bin salman
وقال بندر النقيثان المحامي المتخصص في القوانين المالية في السعودية، إن فكرة “الغرين كارد” مجربة في العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ولكن لها أهمية خاصة جداً في المملكة، خاصة أن من صرح بدراستها هو الأمير محمد بن سلمان وهو الرجل الأول في المملكة بعد الملك سلمان حينما يتعلق الأمر بالاقتصاد والتنمية.
ويشغل الأمير محمد أيضاً، منصب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالمملكة.
وأضاف النقيثان: “هناك مطالبات عديدة بدراسة هذه الفكرة منذ زمن بعيد، والآن يعلن الأمير محمد دراسة الموضوع من جميع جوانبه.. بالتالي المملكة على أعتاب انفتاح غير مسبوق على العالم الخارجي”.
ويرى النقيثان وجود مصلحة مشتركة بين مانح “الغرين كارد” والممنوح، “فعندما يعمل حامل “بطاقة الإقامة الدائمة” في السعودية، وتكون له صلاحية التجارة وتأسيس الشركات والعمل في الجامعات والمعامل والمحاضن التعليمية فهذا من شأنه إضافة ميزات عدة للاقتصاد، وسينقل معرفته وتقنياته وخبراته الدولية للبلاد.. وقد أثبتت الفكرة أهميتها في الولايات المتحدة وهي قصة نجاح سيتم الأخذ بها عند دراسة الموضوع في المملكة”.
وتابع، “المملكة بلدٌ استئنائي بسبب تواجد الحرمين أولاً، مما يجعلها قبلة الراغبين في الاستقرار والعمل في بلد يحتضن الحرمين الشريفين.. كما أن فرص الاستثمار عديدة، إضافة إلى تميز الجانب الأمني والاستقرار السياسي”.
قانونياً، قال النقيثان إن الأمير محمد بن سلمان هو رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وفي حال قرر المجلس صلاحية فكرة الـ”غرين كارد”، فإنه سيتم رفع توصية لمجلس الوزراء مرفقة بمسودة قانون خاص بالموضوع، ليقوم مجلس الوزراء بإقرار القانون.. وعليه يمكن مباشرة العمل به واستقبال الطلبات بحسب المعايير التي تمّ سنُّها بهذا القانون”.
huffpostarabi