(دارفور باتت عصية على التمرد) هذه العبارة تجسد أحلام للعديد من أبناء الإقليم فيما مضى من عمر النزاعات المسلحة التي كانت تعصف دارفور من كل جانب، ولكن يبدو أن هذه الأحلام أضحت واقعاً ماثلاً بعد أن التقطت القوات المسلحة القفاز لتدفع بآلياتها الحربية، لاكتساح مواضع التمرد ودك حصونه في كافة محاور المنطقة، لترفع التمام بنجاح العمليات العسكرية والإعلان عن انتهاء التمرد كنهاية لعملية مخاض عسير أفرز ولادة دارفور جديدة، وشكل بيان القوات المسلحة بالأمس صرخة ميلاد جديد لحياة الإقليم الملتهب لمدة ثلاثة عشر عاما منذ خروج أول طلقة من فوهة البندقية الغادرة في مطار الفاشر، بيد أن الجيش أعلن سيطرته أمس الأول على آخر معاقل متمردي حركة عبد الواحد في معركة (سرونق) الفاصلة بجبل مرة
وكشف المتحدث باسم القوات المسلحة العميد ركن د.أحمد التهامي من خلال البيان الموسوم باسمه الى ان القوات المسلحة بعد ان حسمت التمرد عملت على تأمين أرواح المواطنيين وممتلكاتهم وبث الطمأنينة في نفوسهم والعمل لاعادتهم إلى قراهم ..والسؤال الذي بات يفرضه الواقع بدارفور اليوم بعد انقضاء أجل التمرد مفاده ماذا هنالك»من رأي فوق الجراب» ؟
جمع السلاح
وبالمقابل بعث رئيس حركة تحرير السودان القيادة الجماعية رئيس مجلس حركات دارفور الموقعة علي السلام الأستاذ آدم علي شوقار التهاني إلى الشعب السوداني بانتهاء التمرد في دارفور، و قال على أبناء دارفور ان يتجهوا الى التنمية واحداث الاستقرار تمهيدا لعودة النازحين واردف في حديث لـ(آخر لحظة) ان السلام يحتاج الى حراسة من قبل الجميع، وان يلحق ذلك عقد مصالحات بين كافة المكونات القبلية يتبع بعمليات جمع السلاح من أيادي المواطنين ويسلم إلى القوات النظامية، حتى يتفادى الإقليم نشوب حروب قبلية، لاسيما و أن مياه كثيرة جرت تحت الجسر منذ انفجار ازمة دارفور في العام 2013 فقدت البلاد فيها العديد من ابناءها سواء كان من جانب الدولة او من جانب حملة السلاح، هذا غير التداعيات التي خلفتها الازمة من نزوح وهجرة للمواطنين، واشار الى ان معظم حركات التمرد تنتهي شوكتها بمصالحة أو عن طريق الحسم العسكري كاشفاً بأن 80% من الحركات المسلحة وقعت علي اتفاقية السلام مع الحكومة
الى ذلك دعا القيادي بحركة الارادة الحرة الطيب أحمد كفوت كل ابناء دارفور الى استغلال فرصة انتهاء التمرد في التوحد نحو السلام محذراً من مغبة ظهور حركات التمرد متى ما ابتعد ابناء دارفور من السعي إلى قيام مشاريع التنمية، قائلاً إن معظم الثورات التي قامت لم تنته بالبندقية وإنما بالحوار .
مرحلة مفصلية
وفي ذات السياق قال الخبير في الشأن الدارفوري ناشر «صحيفة دارفور اليوم» نور الدين أبوبكر بان دارفور الآن تمر بمرحلة مفصلية عبر عملية الاستفتاء الاداري الذي يتم الان على أرض الواقع مشيرا الى ان الاستفتاء ستعقبه اجراءات تاتي كمؤشرات تتمثل في مجملها حل السلطة الاقليمية لدارفور بعد إعلان نتائج الاستفتاء وقال لـ (آخر لحظة) صحيح أن دارفور بها سيطرة حكومية لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل إذا ارادت الحركات الاخري غير الموقعة على السلام ان تلحق بقاطرة السلام ستفتح لها صفحات جديدة من صفحات سلام الدوحة ؟ واشار إلى أن الازمة الحقيقية لدارفور تتمثل في المكونات المجتمعية، وهي ليست أزمة جيش، مؤكداً أن التمرد اليوم ليس لديه اي سند جماهيري يحتمي به .
تعزيز الانتصارات
وفي ذات المنحنى قال الخبير الأمني العميد امن معاش حسن بيومي بان المرحلة المقبلة لدارفور هي مرحلة متطلبات تعزيز عمليات انقضاء التمرد في دارفور، فيجب اطلاق الحكومة لحزمة جديدة تتمثل في اطلاق عمل عسكري ذي طابع استخباراتي، بجانب استحداث عمل سياسي وآخر اجتماعي يتكامل من أجل تأمين المناطق المحررة من قبضة التمرد وقطع خطوط الإمدادات التي من شأنها بان تغري التمرد إلى أن يستجمع قواه ليعود مجدداً، وأبان بيومي إن على القوات المسلحة القيام بابدال حالة الخوف التي اعترت المواطنين فيما سبق بحالة من الاطئمنان من خلال تقديم خدمات تعود على المواطنين بالفائدة.
و قال الخبير العسكري اللواء عبد العال محمود انه يمكن للقوات المسلحة بعد ان حررت كافة مناطق دارفور من التمرد ان تتجه بكامل عدتها نحو توفيرالمساعدة الممكنة للمواطنين في سبيل بقائهم بأريافهم وقراهم التي هجروها وهم ينعمون بالامن والسلام، مشيرا الى ان انتصارات القوات المسلحة على الحركات المتمردة اعقبتها عمليات «تعزيز النجاح» وهي خطوات تتبعها المؤسسسات العسكرية لقطع دابر المتمردين بصورة نهائية علي أرض الوجود وهذا ما فعلته القوات المسلحة
الصوت العالي
بينما قال المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية د.راشد التجاني ان انقضاء التمرد في دارفور من ناحية عسكرية يمثل حقيقة ماثلة علي ارض الواقع الدارفوري اثر الهزائم التي ظلت تتلقها الحركات المسلحة تباعا واعتبر راشد اجراء الاستفتاء بجانب انتصارات القوات المسلحة على حركات التمرد يمثلان الصوت العالي في دارفور لذا باتا يحتاجان إلى عملية دعم سياسي عبر أطر معالجة كافة القضايا التي كانت مثار الخلاف فيما مضى لسد الباب أمام تجدد النزاع مرة أخرى من خلال رسم خارطة طريق لتبيان معالم الحواكير والمسارات بجانب نزع السلاح من المواطنين
آخر لحظة