على مر الزمان كانت للمرأة السودانية كلمة نافذة وموقف يعتد به، كيف لا وهي المعتدة بنفسها في تحقيق ما تصبو إليه. هو الحال بالنسبة لـ (الحاجة عثمان بلة) التي صمدت أمام معارضة أسرتها من أجل تحقيق رغبتها في أن تصبح كابتن طيران، ذلك الحلم الذي يراود معظم الأطفال، فيعبرون عنه عند إجابتهم عن السؤال التقليدي (بعد تكبر عايز تبقى شنو)؟ فيختارون بين كابتن طيران أو دكتور أو مهندس.
()
كانت الحاجة عثمان أول امرأة سودانية تقتحم بهذا المجال لتصبح لاحقًا أول امرأة تشغل وظيفة كابتن طيار، في البدء، وقبل انخراطها في عالم الطيران التحقت بدراسة الطب من أجل تحقيق رغبة أسرتها، فيما ظلت رغبتها في الطيران تراودها بين الحين والآخر.
البدايات الأولى
تحكي الحاجة عثمان عن أن بدايتها كانت عبر التقدم للأكاديمية الملكية الأردنية للطيران، وأنها استوفت الشروط المطلوبة كأن يكون المتقدم لائقاً طبياً وحائزاً على درجات عالية في الفيزياء والرياضيات والإنجليزية. ربما كان لمنزلها في حي بري قرب مطار الخرطوم، أثر كبير في تبلور رغبتها، حتى صارت علمًا في هذا المجال، بوصفها أول سودانية توكل إليها قيادة طائرة.
الخاصة والتجارية والعداد
تواصل الحاجة حكايتها مع الطيران مشيرة إلى أن عديد أنواع الرخص كالرخصة الخاصة التي يبلغ عدد ساعتها (55)، والتجارية المؤهلة لقيادة الطائرات الخفيفة، ورخصة العداد لقيادة طائرات الركاب الكبيرة وحين الحصول عليها تنفتح لك نوافذ التخصص ما بين لقيادة الآيربص والبوينج التي تقودها الحاجة الآن، فيما تسعى لقيادة الآيربص.
خلال عامين، مدة الدراسة، جابهت الحاجة بعزيمة وإصرار واجتهاد الصعوبات كافة التي اعترضت طريقها إلى تحقيق هدفها، حين كان التدريب الطيران ينعقد في قاعدة وادي سيدنا الحربية يومي الخميس والجمعة، ولم يكن عدد الطائرات كافيًا. حاليا الدراسة تستغرق سبعة أشهر فقط بعد تغير باستقدام طاقم من جنوب أفريقيا.
رهبة وخشية
بعد أن نالت الحاجة شهادة الطيران الدولية من جنوب أفريقيا توظفت لدى شركة تاركو، تقول: الرهبة والخوف كانا حاضرين في تجربتي في القيادة، ولكن سرعان ما تبدد هذا الإحساس وحلقت عالياً لاكتساب اللياقة واليقظة والتركيز.
الطائرة بحسب الحاجة يقودها الكابتن ومساعده ويتم التنسيق بينهما على تقاسم المهام والمسؤوليات في ما يتعلق بالإقلاع والهبوط والاتصال بالأبراج، فيما يتولى طاقم الضيافة الاهتمام بالمسافرين وتوجيههم حال حدث طارئ.
علم على رأسه نار
إلى ذلك، انضمت الحاجة عثمان إلى قائمة الــ (94) امرأة المتخصصات في قيادة الطائرات عبر الدول، وبالتالي أصبحت علمًا على رأسه نار في مجالها، علاوة على أنها عضو في منظمة 99 العالمية للنساء الطيارين التي أسستها (اميليا اير هارت) وتعزي الحاجة نجاحها إلى كباتن الطيران صلاح وبدرالدين زمراوي وحسين محمد التلب الذين ساهموا كثيراً في الدفع بمسيرتها قدمًا
اليوم التالي