تابعت مقطع فيديو لعربة لوري تفرغ كميات كبيرة من الطماطم بالولاية الشمالية، سألت عن أسباب تفريغ تلك الكميات الكبيرة من سلعة الطماطم التي وصلت أسعارها في فترات ماضية إلى أرقام فلكية وبلغ سعر الكيلو منها أكثر من (40) جنيهاً وليس الصفيحة، والآن أربعة كيلو بـ(10) جنيهات، لذلك أفرغ أصحاب تلك المركبة الكمية المهولة من الطماطم في العراء، لأن المصنع الذي مني به لاستقبال تلك الكمية لم يعمل، فخسر أصحاب المزارع ملايين الجنيهات وإذا حاولوا أن يعودوا بشحنة الطماطم إلى الأسواق ستكون الخسارة خسارتين، لذلك فضلوا أن يفرغوها في العراء ويتحسر عليها أهلنا الغبش والمساكين الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم.
التاجر السوداني أو المزارع السوداني ينشد الربح السريع فكلما تصاعد سعر سلعة زراعية اتجه الكل لزراعتها، ونظراً لعدم وجود مواعين تخزين يخسرون أضعاف ما ينتجون. وفي فترة سابقة تصاعد سعر جوال البصل حتى وصل ما يقارب المليون جنيه بالقديم، وبعد تلك الأسعار الفلكية فكر معظم المزارعين في زراعة البصل وأصبح الإنتاج غزيراً وانخفضت الأسعار، والآن جوال البصل صار سعره (75) جنيهاً، لكن هل ستصمد تلك الأسعار؟ وهل سيظل سعر الجوال أو الربع منه مستقراً أم سيتصاعد من جديد؟! بالتأكيد السعر سيتصاعد ونحن مقبلون على شهر رمضان، فبعض التجار اتخذوا وسائل تخزين جديدة تساعدهم في الحفاظ على محصولهم بنسبة قد تصل إلى (75%)، ومن جديد سيتصاعد السعر ليصل إلى الأرقام الفلكية القديمة.
السودان ما زال هو سلة غذاء العالم إذا حسنّا الإنتاج وحسنّا مواعين التخزين، فالبصل والطماطم والمانجو وغيرها من السلع التي يحتاج إليها المواطن بالداخل أو الخارج متوفرة، ويمكن أن تعيد الدولة من جديد المصانع القديمة لتجفيف البصل بكسلا، وحتى الطماطم يمكن أن تقام لها مصانع لإنتاج الصلصة والكاتشب وغير ذلك مما تنتجه الطماطم. وكذا الحال بالنسبة للمانجو، فنحن الدولة الوحيدة تقريباً التي تأكل إنتاج اليوم من الخضروات واللحوم، عكس كثير من بلدان العالم التي تأكل المنتجات المجمدة، فلو اعتمدنا على الزراعة فقط نستطيع أن نعيد التوازن لميزانيتنا بخلاف البترول أو الذهب أو المعادن الأخرى، نحتاج فقط إلى التخطيط السليم، فإذا نجحنا في ذلك فلسنا في حاجة لانتظار البترول.. فالعالم الآن مهموم بالغذاء والماء، والغذاء متوفر لدينا إذا أحسنا صناعته، وكذلك الماء.