النيل الأزرق وضياع حق الغلابة 2
* عدنا في الحلقة الأولى عامين للوراء قبل الكتابة عن خطوة تأسيس قناة فضائية جديدة يملكها رجل الأعمال المحترم حقاً وجدي ميرغني (بمفرده) بحثاً عن شاشة تحقق نسبة مشاهدة عالية لتظفر بكعكة الإعلانات المحدودة ومنافسة قناة النيل الأزرق (التي يملك وجدي أكثر من نصف أسهمها) في حين سيضيع (الحق العام) الذي هو ليس ملكاً للحكومة ولكنه (ملك للغلابة والمساكين من مسحوقي بلادي) الذين يكابدون تحت هجير الشمس في انتظار من يأتي (ليشاركهم) حتى يكبروا معه؛ لا من يمشي عليهم بجبروت ماله؛ وسطوة إدارته حتى يتم (تشميع القناة) وتحويل كوادرها للشاشة الجديدة، مع أن اسم وجدي في عالم المال والأعمال أنصع من هذه الخطوة التي ستحسب عليه ما بقي في دنيا الاقتصاد؛ وستخصم من رصيده لآن فيها من التجاوز ما يقترب من السقوط في بئر الفساد..!
* عدنا في الحلقة الأولى لعام 2014 للوقوف عند خلاصة مقالين سطرناهما عندما رفضت الدولة شراكة وجدي فقد دافعنا يومها عن حق الرجل في أسهم اشتراها من حر ماله، وقلنا أن ذات الواجب الأخلاقي يحتم علينا الآن الدفاع عن مصير أسهم الغبش من أبناء بلادي..!
* يعلم الجميع أن القنوات الفضائية بمختلف تخصصاتها تنقسم إلى قسمين أحدهما مفتوحة يتسنى للمشاهد رؤية ما تقدمه من مواد دون مقابل مالي وهذه تمثل الغالبية العظمى، وأخرى (مشفرة) لا يتسنى لك مشاهدتها إلا إذا دفعت قيمة الاشتراك والحصول على (الكود) الخاص بالمحطة لفترة زمنية محدودة كقنوات (بي إن سبورت) التي تشتري حقوق بث معظم دوريات كرة القدم الأوروبية والأفريقية والبطولات العالمية، وطالما أن القنوات المفتوحة هي الأكثر عدداً فإن تنافسها يكون حول الظفر بأكبر مساحة إعلانية من خلال ما تصل إليه من درجات مشاهدة عالية؛ لذا فإن الصراع يحتدم في سوق الإعلانات ما بين مختلف الشاشات..!
* قناة (S24) التي ينوي رجل الأعمال وجدي ميرغني إطلاقها في غضون الفترة المقبلة بعيداً عن شراكته مع الدولة والشيخ صالح الكامل في قناة النيل الأزرق الفضائية ستصبح منافساً في سوق الإعلان، وأعتقد أن من لديه شراكة في مجال معين ويملك النسبة الأعلى من الأسهم ويسيطر على مفاصل العمل كحال وجدي ميرغني مع النيل الأزرق يصبح من غير المقبول منه الدخول منافساً في ذات السوق ما لم يتحرر من الشراكة القديمة حتى لا تتسرب المخاوف لشركائه ناهيك عن تضررهم المباشر لوجود موظفيه في مراكز إتخاذ القرار بقناة الشراكة، أو على أخف تقدير عليه رفع يده من المفاصل الإدارية ووضع فقط من يراقب حقوقه في حركة الأموال والصرف والأرباح لأنه سيكون دائماً متهماً بأنه يعمل على مصلحة قناته (التي يملكها لوحده) على حساب قناته (التي يملكها مع آخرين) في ظل وجود أشخاص ولاؤهم (له كشريك) أكبر من ولائهم للقناة التي جاءوا إليها ووجدوها الأعلى مشاهدة بين جميع القنوات السودانية، فاختياره لهم تم بصورة مباشرة من خارج القناة وبلا تدرج وظيفي، وتعيينهم بواسطته دون الدخول في أي مفاضلة مع آخرين تقدموا لتلك الوظائف يجعل قلوبهم معلقة بما يريده منهم الشريك الذي كان سبباً في وجودهم؛ ويصبحون عيوناً تسهر على مصلحته الخاصة وإن لم يطلب منهم ذلك؛ مما يضاعف من مخاوف الشركاء الآخرين، خاصة وأن (مدير البرامج ومدير التسويق، ومدير الشؤون المالية والإدارية) وغيرها من الوظائف تم الاستغناء عمن كانوا يشغلونها بمبررات قد لا يكون معظمها مقنعاً بقدر ما أن الناس تعاملوا معها باعتبارها رغبة (الشريك الأكبر) الذي اشترى أكثر من نصف أسهم القناة وجاء ليعمل على تطويرها؛ وإن رأى الناس أن ما يحدث الآن قد يقود للقضاء عليها وتدميرها..!
* قبل تفكير (الشريك الأكبر) في تأسيس قناة جديدة تخصه بمفرده كانت هناك محاولات متكررة لإطلاق قناة أخرى (من رحم الشراكة) باسم (بلو نايل 2) شريطة أن يتم منح (حق التشغيل كاملاً) للشريك الأكبر؛ وكل ما يمكن أن يتحصل عليه الشركاء (قيمة إيجار الاسم والاستفادة منه) فجاء الرفض من قبل الحكومة والشيخ صالح الكامل الذي لم تعد لديه رغبة في التوسع في هذا الاستثمار عبر ضخ رأسمال جديد فتجاربه السابقة لم تكن مشجعة، لتأتي خطوة (S24) كرد فعل لرفض مقترح منح الشريك الأكبر (حق التشغيل) فما كان منه سوى البحث عن بديل..!
* أكثر ما يجعل المرء يخشى على مستقبل (أسهم القطاع العام) أن الشريك الأكبر بات تركيزه منصباً مع قناته (التي يملك أسهمها كاملة) لدرجة أنه لم يمنع نفسه من التعاقد مع بعض منسوبي القناة التي (لا يزال هو شريكاً فيها)؛ وإن كان تأسيس قناة جديدة خطوة غير مقبولة أدبياً طالما أن التنافس كله سيكون في (سوق إعلان واحد ومحدود)؛ فإن التعاقد مع كوادر تعمل بالقناة الأم التي لا يزال صاحب القناة الجديدة هو الشريك الأكبر فيها يعتبر خطوة غير مقبولة أخلاقياً ومن شأنها أن تدفع المساهمين الآخرين لاتخاذ خطوات حاسمة فلا يعقل أبداً أن يقفوا متفرجين على شريكهم الذي تركوه يدير القناة حتى يرفدها بكفاءات جديدة؛ فإذا به يتعاقد مع أفضل كوادر القناة ليعملوا معه في مشروعه الجديد؛ فإن كان الابتعاد والجلوس على رصيف الفرجة في الفترة الماضية لقناعتهم بأن شريكهم يعمل على التطوير؛ فحتماً ستنقلب المواقف؛ ويتغير الخطاب؛ وربما يتم استخدام النفوذ الحكومي لمنع حدوث أي سيناريو يتسبب في نوع من الإضرار والتدمير؛ و(للقضية بقية)..!
….
* تلقيت اتصالاً من رجل الأعمال وجدي ميرغني رئيس مجلس إدارة قناة النيل الأزرق قبل يومين عقب نشر الحلقة الأولى من هذه السلسلة، قدم من خلاله وجهة نظره في فكرة تأسيس قناة جديدة، وعلق على بعض ما ذكرناه في الحلقة الأولى ورد على تساؤلات ملحة لم نطرحها بعد، وحتى تكتمل الصورة من كل جوانبها سننشر ما قاله (رئيس مجلس إدارة قناة النيل الأزرق ومالك القناة الجديدة) في الحلقة الأخيرة.
نفس أخير
* هل ما يحدث من مستجدات الآن يجد من الدولة ووزارة الإعلام بعضاً من اهتمام؟.