-1-
قبل نصف ساعة من بداية البرنامج، اقترب منِّي شابٌّ بقاعة الصداقة هامساً: (ليه أغلب الكراسي فاضية؟!).
قلت له: اصبر قليلاً، وثِقْ أن هذه المقاعد لن تسع القادمين الذين هم على بعد خطوات ودقائق من البوابة الرئيسية.
لم تمضِ دقائق، فإذا بالقاعة الرئيسية تمتلئ إلى آخر مقعد بالمشاركين في نفير الجزيرة.
والورق في جولة على المقاعد، لم نكن نلحظ توقيعات وتبرعات من المشاركين؛ ومع ذلك كنتُ على يقين بأن التبرعات في هذه الليلة، ستُؤكِّد عمق ثقة مواطني الجزيرة في إيلا، وإيمانهم بمشروع حكومته تحت شعار الأمل والتحدي.
ما إن فُتِحَ باب التبرعات من على المنصة، حتى تدافع المتبرعون لإعلان مساهماتهم السخيَّة، فإذا بها تتجاوز أفضل التوقعات، وتُسجِّلُ إفادة أوَّلية بـ(41) ملياراً قابلة للزيادة والمضاعفة.
-2-
لم تكن تلك نبوءات مُعجزة، ولا مجازفات تحليلية تُراهن على المجهول؛ ولكنها قناعة راسخة لديَّ، بأن مواطني الجزيرة لن يخذلوا ابن الشرق محمد طاهر إيلا، الذي في كل يوم يوقد شمعة أمل في مواجهة خفافيش الظلام وعرابي الفتن.
ربما تسألني عزيزي القارئ: من تقصد؟!
ستكون إجابتي الآن على الأقل بالصفات لا الأسماء:
(هم مجموعة من محدودي القدرات، وعديمي المواهب، ومتورمي الخدود والجيوب، قصار القامة، عديمي الهمة، إلا في الأذى والكيد، الصاعدين بزانة التنظيم، مدمني الفشل المجبولين على المكائد والمؤامرات ودس المحافير، المتضررين من وجود إيلا في الجزيرة، لأنه يحدُّ من جشعهم وطمعهم في المناصب والأموال، ويُقلِّم أظافرهم المُتَّسخة بالسحت، هؤلاء هم الذين يحرضون الدجاج على الصياح ضد إيلا)!
-3-
حشد قاعة الصداقة، والتبرعات المليارية، وحديث الرئيس، ألقمهم حجراً وألزمهم جحراً.
ترى هل تذكرون قبل (24) ساعة من إعلان قائمة الولاة الجدد كتبت في هذه المساحة الآتي:
(ما يُقعد بولاية الجزيرة ليس اختيار المركز لولاة دون الطموح، وأدنى من مستوى التحدي. ما يُقعد بالجزيرة حالة الخلاف على كل شيء، وتعدُّد مراكز القوى وسعي كل مركز لنفي الآخر.
ربما ولاية الجزيرة من أكثر الولايات في حاجة لوالٍ قويٍّ وخلَّاقٍ من خارج دوائر الاستقطاب، ينقل اهتمام القيادات هناك من مستنقع المكايدات إلى ساحات الإنجاز والعمل.
والٍ بقوة محمد طاهر إيلا في الحسم، ومقدرته على الإبداع، وبكاريزما أحمد هارون في تحقيق كل الممكن وطرق باب المستحيل).
الرئيس عمر البشير، في أكثر من مناسبة، قال إنه اختار إيلا والياً للجزيرة إكراماً لأهلها، لأن الجزيرة تُمثِّلُ قلب السودان النابض. قناعتي بأن الرئيس البشير، بخبرة السنين في معرفة الرجال، يعلم تماماً أن إيلا قادر على تفكيك مراكز القوى التي أضعفت بصراعاتها الولاية وأشعلت فيها الفتن.
-4-
مَنْ مِنَ الولاة في عموم السودان، يمشي في الأسواق مُطمئناً بلا حراسات وفرق تأمين ولا كاميرات للدعاية والإعلان؟.. إيلا في بورتسودان والآن في الجزيرة، كأنه نجم كرة قدم يطارده المعجبون بطلبات التقاط الصور والتوقيعات.
إيلا ليس ساحراً، ولا بهلواناً سياسياً، ولا ولياً صوفياً تجري على يديه الكرامات؛ هو سياسي صاحب رؤية تُمازج بين أرقام الاقتصاد والمُعادلات الاجتماعية، بارعٌ في استنباط الموارد وإدارة صرفها في ما يفيد الناس.
إيلا قادرٌ على خلق علاقة فائدة ومنفعة بين شركات مثل زين ودال والنفيدي وأمين عبد اللطيف، مع مواطنين أمثال أدروب وأوهاج وحمد النيل والطريفي.
خَلَقَ حالة استقرار اجتماعي وأمني، تحرسه المصالح بين المواطنين ورجال الأعمال. لم يستعلِ على مواطنيه، ولم يمن عليهم بشيء.
ٍالسياسة في قاموس إيلا هي معايش الناس، لا (طق الحنك) وتجارة الأوهام. السياسة هي ما هو متحقق في الواقع، لا ما هو معلق على سين (التسويف)!
-أخيراً-
نجاح نفرة الجزيرة ليس في الأموال التي تم التبرع بها، ولكن في الكشف عن حالة توافق وثقة نادرة ثلاثية الأضلاع بين رئاسة الدولة وقيادة الولاية والقواعد.