كان في الصغر طفلاً ذكياً شجاعاً مقداماً يهابه الأقران والأنداد.. يرعى الأبقار والأغنام في إجازات المدارس الأولية.. ويزرع ويحصد مع والدته الحاجة “حواء أحمد”.. ولكنه متفوق في دروسه بنبوغ مبكر وذكاء وفطنة ودهاء.. وتواضع عالم في العلوم العصرية وفي الفقه ودراسات القرآن والسيرة والإعجاز العلمي في القرآن الكريم.. ولد الطفل “التيجاني حسن الأمين” في قرية “البان جديد” بالقرب من مدينة “أبو زبد” بدار حمر الآن.. وانتقل والده من بعد لمنطقة الحاجز وهو الشقيق الثالث من والدته “حواء” يكبره سناً الراحل “مختار حسن” ومن بعده الفقيه الشيخ “بشير حسن” أمد الله في عمره، وهو ثاني أصغر أبناء الشيخ “حسن الأمين” ومن بعده الدكتور “سومي حسن” أو الناظر الذي تنحدر أمه من عشيرة الرواوقة دار جامع، وأخوان “التيجاني” الذين تولوه بالرعاية بعد رحيل والده “الزين حسن” و”عبد القادر” و”البدوي” و”الطاهر” و”عطا المنان”
والمعلم “علي حسن”، ولأنه طفل استثنائي كان أخوته يطلقن عليه (التيجاني الفنجوك الشديرة أم شوك)، وكان أول من دخل جامعة الخرطوم من العشيرة والقبيلة لذلك ظل هو سيفها الذي تهز به بين الناس، وكان منارتها السامقة التي تضيء ظلمات الليل.. درس في عطبرة الثانوية وظل طوال حياته يردد (حليل عطبرة الحلوة)، وحينما تم اختياره لنيل درجة الدكتوراة في علم الأدوية والعقاقير في بريطانيا.. لا يتعدى حاملو درجة الدكتوراة في ذلك التخصص أصابع اليد الواحدة في كل أفريقيا الصحراء.. لم تأخذه المدينة وبريق التعليم.. والحياة الرغدة بعيداً عن العشيرة والأهل، فكان خياره وخيار أسرته الارتباط بابنة عمه وحبيبة قلبه في كل حياته العمة “علوية عبد العزيز الزاكي”، تلك المرأة التي كانت وراء نجاحات (البروف) العلمية والعملية.. حتى فارقته وقلبها يقطر حزناً على رحيل الخال الذي يتسلل حديثه العذب لمساحات القلب.. كان يغدق علينا بعاطفته الطفولية.. يحنو إلينا حنو المرضعات على الفطيم.. يدلل كل أبناء أخوانه وأخواته بأسماء يخترعها من مخيلته.. مثلما كانت والدتي رحمة الله عليها تناديه (الشديرة أم شوك).. أي الشجرة ذات الأشواك.. لم يعمر طويلاً في الحقل السياسي رغم انتمائه الإسلامي المبكر.. ورهانات الحركة الإسلامية عليه.. رشحته في سنوات “النميري” حاكماً على كردفان فأسقطته طغمة “الفاتح بشارة” ولم تسقطه الجماهير.. بعد الإنقاذ أمضى فترة قصيرة والياً على شمال دارفور ومديراً لجامعة الجزيرة.. ولكن أمثال البروفيسور “التيجاني حسن الأمين” بصدق وحسن طويتهم لا يروق لهم الصراع السياسي وقذارة الملعب الذي تتقاذف الأقدام فيه الكرة وكل فريق يكيد للآخر كيداً!!
اختار البروفيسور “التيجاني حسن الأمين” فضاء الدعوة الإنساني الممتد قريباً من الناس وبعيداً عن السلطة.. لذلك تدافعت الآلاف لوداعه بمقابر بري.. وكان مرقده الأخير بالقرب من أحب الناس إليه الشيخ “حسن الترابي” الذي دفن على يمينه “عبد الله حسن أحمد” ودفن على شماله بروفيسور “التيجاني حسن الأمين” والآلاف من التلاميذ والأحباب والأصدقاء الأوفياء يودعون ذلك العالم بالدموع والدعاء الصالح المبروك.. ربِ اغفر لعبدك “التيجاني حسن الأمين” وانزل شآبيب الرحمة عليه.. وأبدله داراً خيراً من داره.
رحل “التيجاني حسن” الفارس.. العالم.. الفقيه.. الكريم (الأجواد) ولا نملك اليوم إلا أن نقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).