تضارب مخل في تصريحات المسؤولين بشأن ما راج عن اتجاه الحكومة للتصرف في المباني التاريخية لجامعة الخرطوم بالبيع واستباق ذلك بترحيل الكليات الجامعية إلى منطقة سوبا.
فإن تترك إدارة الجامعة فراغاً معلوماتياً بهذا الخصوص وهي تتأخر في تقديم توضيح كامل بشأن دعاوى البعض بأن الترحيل إلى سوبا هو بغرض بيع مبنى الجامعة، فاقم من الأمر ووسع من دائرة الشكوك والمخاوف من قبل الطلاب والخريجين.
الجامعة أطلت لاحقاً بنفي ما أثير بالخصوص وتوضيح الأسباب الحقيقية، وقبل أن يجف مداد بيان الجامعة، أطل علينا وزير السياحة وهو يقول إن مباني الجامعة ستصبح تراثاً ومزارات سياحية!.. الأمر الذي هيج مشاعر طلاب الجامعة ليخرجوا في تظاهرات احتجاجية استدعت تدخل الشرطة.
السؤال البديهي.. ما علاقة هذه الوزارة بالجامعة ومبناها، فقد ذكرني تصريح الوزير هذا بأشهر نقاط النظام التي أثيرت في البرلمان من قبل العضو “محمد صالح الأمين بركة” في برلمان 2001 وهو يرفع أصبعه ويصيح بأعلى صوته (نظام ، نظام سيدي الرئيس)، وعندما منح فرصة النظام قال العضو (العضو المحترم وكان يقصد البرلماني علي أحمد هجانا، يتحدث عن الخيش والزراعة ومشروع السوكي وعن مخاوف تلف المحصول الزراعي، ونحن نتحدث عن الدبلوماسية وخطاب السيد وزير الخارجية)، وعلى الفور صوب رئيس البرلمان وقتها مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر” النظام الذي أثير وطلب من العضو المتحدث الالتزام بلائحة المجلس والحديث عن الموضوع المطروح، فما كان من العضو إلا أن قال (عفواً سيدي الرئيس أعود من السوكي والخيش والزراعة إلى خطاب وزير الخارجية، فقد كان خطاباً مميزاً وأرجو من إخوتي الأعضاء إجازته بالإجماع)، فضجت القاعة بالضحكات العالية، على ذكاء عمنا “هجانة” الذي أراد أن يلفت نظر الصحافة إلى مخاوف تلف المحصول الزراعي بسبب عدم توفر الجولات الفارغة، بالفعل تنبه الصحافيون من فوق الشرفات وحملت صحفهم في اليوم التالي عناوين (برلماني يحذر من تلف محاصيل الموسم الزراعي بسبب انعدام الجوالات)، فيبدو أن وزير السياحة تلبس بلبوس عمنا “هجانا” وأراد بخبره المشاتر هذا أن يلفت نظر الصحافة إلى أنه موجود، ونحن نقول له الجود بالموجود!
مشكلة مباني جامعة الخرطوم هذه وبعد هذا التضارب والتفاقم، لن تنتهي إلا بحديث من مسؤول رفيع يوضح أصل الحكاية ويصدر توجيهاً صريحاً بأن يبقى كل شيء في مكانه، لأن طلاب وخريجي هذه الجامعة العريقة يخشون من أن تكون تصريحات إدارة الجامعة ما هي إلا مخدر لتبقى المخاوف هي الواقع.. والله المستعان.