في زيارته الأخيرة للعاصمة البولندية وارسو التقى وزير الخارجية إبراهيم غندور بعدد من المسؤولين البولنديين، على رأسهم وزير الخارجية فيتولد فاتشيكوفسكي، وناقش غندور عدداً من القضايا التي تتعلق بالتعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية خاصة الزراعة والتعدين والاستثمار في البنية التحتية.. (آخر لحظة) التقت به خلال الزيارة على عجالة ووجهت له العديد من الأسئلة حول الوضع في دارفور الآن واستعدادات للاستفتاء بالإضافة إلى الحوار الوطني وغيرها من القضايا فخرجنا بهذه الإفادات:
* ماتقيمكم للأوضاع حالياً في دارفور؟
– الآن نحن في نهايات تنفيذ اتفاقية الدوحة والتي ستنتهي بالاستفتاء الذي سيجرى حالياً، واستطيع القول إنه ليس هناك اي حركة تمرد موجودة في دارفور لديها قوة الآن، ومعلوم أن قوات جبريل ابراهيم موجودة في دولة الجنوب، ومني اركو مناوي في مناطق جنوب ليبيا، وانتهى وجود عبد الواحد في جبل مرة بعد هجماته الأخيرة، والقوات المسلحة سيطرت على مواقعه، بالتالي الآن دارفور تكاد تنعم بسلام كامل، ولا توجد اية حركة تمرد داخلها، ونحن بصدد مرحلة التنمية الحقيقية والآن يجري إنشاء بنك دارفور في الفترة الأولى والذي سيدار عبر بنك قطر في الخرطوم، والبلدان ساهما في البنك بمبلغ 80 مليون دولار كبداية، ومن المفترض أن تبدأ مشروعات تنموية كبرى في بعض مناطق دارفور خاصة المشروعات التي تركز على تشغيل الشباب.
* وماذا بشأن الحركات التي لم تلحق بالحوار الوطني؟
– مازال الباب مفتوحاً للتفاوض مع الحركات المسلحة، لكن ليس بشروطها، وإنما بشروط السلام، لأنه من غير الممكن إحضار أشخاص- لمجرد أنهم رفضوا السلام- نضعهم على رأس آخرين ارتضوا السلام وصبروا، فحقيقة الحرب لا تفيد وهذه استراتيجية الحكومة، الآن الحكومة هي الوحيدة التي تتفاوض مع حركات تمرد، وليس تفاوض فحسب، بل قررت مواصلة التفاوض الى ما لا نهاية، ولم يحدث أن قالت (قفلنا الباب).
* قضية دارفور مازالت تواجه كثيراً من التعقيدات ماهي جهود الحكومة في هذا الإطار؟
– طبعاً الحكومة منذ البداية حاولت حل المشكلة- التي بدأت صغيرة جداً في مناطق شمال دارفور وفي منطقة شعيرية على وجه التحديد- عبر التفاوض، وفي ذاك الوقت كانت المجموعة تتكون من 16 شخصاً فقط في العام 2003، وكانت مشكلة بين مجموعتين نهبتا مواشي مجموعة أخرى، لكن المشكلة تطورت حتى وصلت مفاوضات (أبشي 1) ، و(ابشي2)، و(ابشي 3)، وامتد التفاوض حتى وصل (ابشي5)، وانجمينا واحد واثنين حتى وصلت ابوجا، وما أدى الى تعقيد الأمور دخول الفاشر وتحطيم الطائرات في المطار بواسطة مجموعة خليل ابراهيم، وهذا ما أدى الى تعقيد القضية، الحكومة حينها شعرت بأن حركات التمرد أكبر من مجموعات لديها اشكالات قبلية، وتطورت الى مجموعات تحارب الدولة، وبدأت في الهجوم وقتها على مكاتب الشرطة، وهي مكاتب صغيرة في القرى تحتوي على عدد محدود من العساكر، واستولت تلك المجموعات على الأسلحة، ومن ثم بدأت الحكومة حملتها العسكرية.
* كيف تطور الأمر الى أن وصل الى ماهو عليه الآن؟
– في ذاك التوقيت اغتنمت بعض القبائل التي تواجه اشكالات مع بعضها الفرصة- كما هو معروف- لتصفية حساباتها، والحكومة قبلت التفاوض وذهبت الى ابوجا ومعروف حتى العام 2006 تم توقيع اتفاقية ابوجا، وكان من المفترض أن يوقع عبد الواحد محمد نور لكنه انسحب في الدقائق الأخيرة، وطلب إعطاءه بدلاً عن 30 مليون دولار 100 مليون دولار، ومن ثم وقع مناوي اركو مناوي، وبعد انتهاء أجل الاتفاقية في 2010 رفض مناوي مسألة انتهاء أجل الاتفاقية، وهي قد انتهت بانتهاء أجل الانتخابات، ولم يكن يرغب في دخول الانتخابات، وكان رافضاً حل قواته، والانخراط في الترتيبات الأمنية وفقاً لاتفاقية ابوجا، فاستبقاها- كما هو معروف- في منطقة قريضة على الرغم من أنه عرض عليه أن يبقى كمساعد للرئيس، لكنه رفض وذهب الى دولة الجنوب ولم يعد مرة أخرى، ومن ثم ذهبت الحكومة الى الدوحة، واتفاقية الدوحة كانت مدعومة من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي وغيرها من الجهات، واستمرت المفاوضات سنين طويلة، وأكثر مفاوضات استمرت كانت مع خليل ابراهيم، الى أن وصلت مرحلة التوقيع، والرئيس المشير البشير ذهب للدوحة لحضور التوقيع، وأعلن اطلاق سراح المعتقلين من قوات خليل التي شاركت في الهجوم على أم درمان، وعلى الرغم من ذلك غادر خليل الدوحة دون التوقيع، ومن ثم تواصل التفاوض، ووقعت مجموعة التيجاني سيسي بعد أن تجمعت 19 حركة.
* حدثنا عن زيارتكم الى بولندا وما خرجت به من اتفاقات مع الحكومة البولندية؟
– بحثنا خلال لقائنا مع وزير الخارجية البولندي سبل دفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين السودان وجمهورية بولندا، خاصة فيما يتعلق بتطوير التعاون الإقتصادي بين البلدين، في العديد من المجالات خاصة الزراعة، والتصنيع الغذائي، التعدين والمعادن، والطاقة والإستثمار في البنية التحتية، كما تم الإتفاق على زيادة تعزيز الوجود الدبلوماسي بين البلدين، وفيما يخص الوضع الداخلي في السودان، أعرب الوزير البولندي عن أمله في نجاح عملية الحوار الوطني واستمرار العملية السياسية مع ضرورة وقف إطلاق النار، وخلال الإجتماع ناقشنا أيضاً الوضع السياسي والأمني في منطقة القرن الإفريقي في ليبيا ومنطقة البحر الأحمر، فضلاً عن الصراع في سوريا وأوكرانيا، وأبدينا استعدادنا للتعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب والإتجار بالبشر، وكذلك تعزيز قدرة السودان على قبول اللاجئين، كما التقينا خلال الزيارة بوزيري الزراعة والبنى التحتية والإعمار البولنديين، بجانب لقاء نائب وزير الدفاع البولندي، ورئيس جهاز شؤون الهجرة والأجانب في وزارة الداخلية البولندية، وعدد من المسؤولين البولنديين، كما قدمت محاضرة في جامعة وارسو تحت عنوان (السودان: الماضي والحاضر والمستقبل)، وتعتبر هذه الزيارة الى وارسو هي الأولى من نوعها منذ سبعينيات القرن الماضي.
صحيفة آخر لحظة