حينما طالعت الحلقة الأولى من تحقيق الزلزال كنت متأكداً من شيئين، الأول أن مهنية رئيس تحرير هذه الصحيفة الأستاذ مزمل أبو القاسم وخبرة منفذ هذا التحقيق الأستاذ شوقي لن تجعل هناك فرصة لانحراف مسار هذا التحقيق عن الخط المهني الصحيح، مما يجعل من الصعوبة بمكان إيقافه أو عرقلته بالوسائل التي تحتكم للقانون..
وقد كانت مؤشرات ذلك العمل بالنسبة لنا واضحة من خلال اختيار عنوان التحقيق في صحيفة تميزت باختيار مفردات عناوين مادتها التحريرية بأعلى من مواصفات (آيزو الرصانة) وبعبارات تحمل المعنى المقصود بكل دقة.. فحين سمت اليوم التالي مولودها (الزلزال) كانت تقصد ما تقول بدقة، لأن الزلازل بطبيعتها ظاهرة كونية لا يمكن منعها أو إيقافها لكن حدوثها يستوجب الانتباه لتقوية البنية التحتية الموجودة في خطوط هذه الزلازل وتطويرها لاحقاً .
والزلازل برغم خطورتها وآثارها العنيفة لكن العلم الحديث أكد أنه لولا الزلازل التي تشكل سطح الأرض لما ارتفعت الجبال وخرجت المعادن الثمينة، فالزلازل هي التي كونت جبال الهملايا والقوقاز في آسيا وجبال الألب في أوروبا والروكي في أمريكا.. وهي التي نبهت البشر لإعادة تخطيط وتشييد المباني بطريقة صحيحة آمنة وجعلتهم يزيلون كل المنشآت الضعيفة الواهنة المتهالكة الفاسدة التأسيس من الأماكن التي من المحتمل أن تتعرض للزلازل ..
فعلماء الجيولوجيا متفقون في أن الزلازل لا تقتل الناس لكن الأبنية الضعيفة هي التي تقتل الناس أثناء وبعد الزلازل.
وطالما أننا نمارس مهنة الصحافة في هذا البلد فمن حقنا أن نعتبر مواقع المسؤولية وإدارة شؤون المواطنين وتقديم الخدمات لهم هي من الأماكن التي من المحتمل وفي أية لحظة أن تتعرض لمثل الزلزال الذي ضربت به اليوم التالي بنية تضارب المصالح وكيانها داخل وزارة الصحة بولاية الخرطوم.. فبنية الفساد دائماً قشرتها مائعة ضعيفة وباطنها شديد الحرارة .
أما الشيء الثاني الذي كنت متأكداً منه أيضاً، فهو أن صحافيا مثل مزمل أبو القاسم بكل رصيد خبرته الصحفية في المجال السياسي والرياضي لا يمكن أن يستجيب لمحاولات و(تهويشات) بعض أصحاب المصلحة الذين حاولوا في سياق الدفاع المدفوع عن الباطل ممارسة تكتيكات (تشتيت الكرة..)، وجر الزلزال من مسار الموضوعية وتقديم المعلومات وكشف الحقائق وتحقيق الهدف المهني النبيل إلى مسارات تنحرف به في ميدان العراك الشخصي والمشاجرة بين بعض الأقلام الصحفية، فاكتفى مزمل بالردود التي تزيل الالتباس وتمنع طمس الحقائق .
ما قدمته صحيفة اليوم التالي هو جهد مهني كبير كنا ولازلنا نتوقع أن تكافئه السلطات الإعلامية بالدعم والحماية تأكيداً لنوايا التصحيح والإصلاح وقطع رأس الفساد في هذا البلد.. وليس بمجاملة المتورطين في ملفات تضارب مصالح تكفي مجرد الشبهة حولها بطرد المشتبه بهم نهائياً من المناصب التنفيذية التي يتقلدونها و(تفييشهم) منعاً لعودتهم لاحقاً إلى الجهاز التنفيذي من باب آخر أو (شباك) .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.