السيد محمد أبو زيد مصطفى وزير السياحة والحياة البرية وعلى صفحات اليوم التالي الغراء بتاريخ 10 أبريل 2016م كشف عن أن وزارته وضعت يدها على مباني جامعة الخرطوم باعتبارها أثاراً، بغية تحويلها إلى مزارات سياحية، وأن الوزارة وضعت يدها أيضاً على مبنى وزارة المالية والبريد والقصر الجمهوري وأن هذا يأتي في إطار المخطط الهيكلي الذي أجازه مجلس الوزراء، وأن السيد الوزير شخصياً كان عضواً في لجنة المواقع البديلة.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. سمية أبوكشوة نفت ما تم تداوله في أجهزة الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي حول نقل كليات جامعة الخرطوم وبيع مبانيها أو تحويلها إلى مزار أثري، وأكدت على بقاء جميع مباني الجامعة تحت تصرف إدارتها، وأكدت أن لقاء إدارة الجامعة بنائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن تم في حضورها، وأن اللقاء بحث في إمكانية دعم الجامعة وتوفير الضامانات البنكية لها لإقامة الإنشاءات على أراضيها حتى لا يتم التغول عليها كما حدث لأراضي الجامعة بسوبا التي استقطع جزء منها للمدارس والمقابر!
الدكتور عبد الملك النعيم مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة قال (إن حديث وزير السياحة عن وضع وزارته يدها على مباني الجامعة عار من الصحة، وأن الحديث عن تحويل مباني الجامعة لم يطرح في جميع مؤسساتها، مثل مجلس الجامعة، أو مجلس الأساتذة أو لجانها الاستشارية، مبيناً أن الجامعة تتبع لوزارة التعليم العالي لا لوزارة السياحة، وأن السيد وزير السياحة غير مفوض بالحديث عن الجامعة أو تاريخها، مشدداً على رفض إدارة الجامعة ومؤسساتها أي حديث عن نقل الجامعة، مؤكداً تمسك إدارتها بموقعها الحالي وأضاف: (الجامعة لن تبيع أو ترهن أو تتخلى عن مبانيها ومؤسساتها القائمة).
وضع غريب وشاذ، يؤكد أن كل ما يكشف عنه ربما هو الجزء الطافي من جبل الجليد، وزير السياحة يؤكد ووزيرة التعليم العالي تنفي وكذلك إدارة الجامعة، وزير السياحة تحدث عن قرار لمجلس الوزراء، السيد الوزيرة عضو في مجلس الوزراء، من الذي يملك الجامعة؟ هل إدارة الجامعة هي المالك ولها حق التصرف؟ هل الجامعة كيان مستقل أو مملوكة للحكومة وهل حقيقة أن الجامعة تنازلت عن ممتلكات وعقارات في السابق؟ ولمن؟ وما حقيقة تغيير أغراض أوقاف الجامعة؟ وأين ذهبت أوقافها؟ وهل يجوز للجامعة أن تتصرف في الأوقاف؟ ثم أين المشكلة في أن تكون الجامعة مكاناً أثرياً وسياحياً يزار دون المساس بوضعها كجامعة؟
البيت الأبيض يفتح أبوابه للزوار والسياح، ومجلس العموم البريطاني والكرملين البوندستانغ، جامعة أوكسفورد، …إلخ، كلها مزارات سياحية تستقبل أضعاف ما ينتظره وزير سياحتنا من زوار، ولم يطلب نظراؤه في تلك الدول إخراج الطلاب والأساتذة، أو الحكام والنواب منها، السيد وزير السياحة يجب عليكم التمييز بين المزارات والمتاحف، أما من الناحية الاقتصادية فإن المشروع خاسر فلا يمكن إخلاء الجامعة من آلاف الطلاب والأساتذة في انتظار عائد المزارات السياحي، السيد الوزير هل لديكم دراسة جدوى لهذا المشروع؟ كم عدد الزوار المتوقعين؟ وكم سيصرفون نظير هذه الزيارات؟
أكاد أجزم أنه ما من أحد من المسؤولين تخرج من جامعة الخرطوم يمكن أن يخطر في باله مثل هذه الأفكار الغريبة، جامعة الخرطوم ليست مجرد مباني وطلاب وأساتذة، جامعة الخرطوم منارة علمية ووطنية ساهمت في كل الأحداث التي شهدتها وتشهدها بلادنا، تاريخ جامعة الخرطوم هو تاريخ السودان الحديث، لا شك أن البيان الذي أصدرته إدارة الجامعة كان ضعيفاً ولا يعبر عن إرادة الجامعة وتاريخها، كل الجامعات تتوسع بمنشآت جديدة ولا تفكر في إطلاق الإشارات المشوشة عن مبانيها وحقوقها التاريخية..