الإعلامية والناشطة الحقوقية رقية محمد باكثير هي حفيدة الشاعر والأديب اليمني علي أحمد باكثير، الذي تغنى له الفنان عبد الدافع عثمان بقصيدته (يوم البحيرة)، هي إعلامية بإذاعة صنعاء، تشتهر بلقب (قيثارة الوادي نسبة لبرنامج شهير وناجح جداً بهذا الاسم تقدمة لجمهور (هنا صنعاء). رقية فتحت قلبها لآخر لحظة وحدثتنا عبر هذه الدردشة.
* بداية .. كيف تعايشين- كناشطة وإعلامية- يوميات الحرب في اليمن؟
– أثرت الحرب بشكل كبير على روتين الحياة اليومية في البلاد، خاصة في حياتنا كإعلاميين وكمواطنين، حيث إننا نعيش ظروفاً صعبة (في كل مدن اليمن) في ظل الغلاء الفاحش وندرة السلع وانعدام الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغاز، ونعيش ما بين المساعدات الإنسانية، والإغاثة للنازحين من منازلهم المتضررة من الحرب، فهي بأمانة فترة عصيبة جداً، مليئة بالرعب والدم، أتمنى أن تزول بغير رجعة، بدعاء الأصدقاء لنا على ظهر الغيب.
يحز في نفسي أن منازلنا قد ضاقت بنا، منازلنا التي كانت سكناً وأمناً لنا ماعادت آمنة، وأصبحنا في رحلات كر وفر بحثاً عن ملاذات آمنة في بيوت الأهل والأصدقاء شرق المدينة، تارة وشمالها أوجنوبها تارة، وعند أهل زوجي في ريف صنعاء تارة أخرى حماية لأطفالنا
* هل ترين ضوءاً في آخر النفق وراء كل هذا الركام من المعاناة؟
– إذا كان للحرب من محمدة تذكر فهي أنها قد وحدتنا كمواطنين، وعلمتنا ضرورة أن نحس بآلام الناس من حولنا ومعاناتهم، وأن نتقاسم اللقمة مع الجيران، هل تصدق أنني لأول مرة بعد السكن في هذا الحي لمدة 10 سنوات أتعرف بصورة عميقة وحميمية على جاراتي، وأجد الوقت المناسب للجلوس معهن والتفاكر والتعاون لاجتياز الاختناقات المعيشية.
* ما أكثر الأشياء التي تفتقدينها هذه الأيام؟
– نفتقد روح المدينة، فقد فقدت مدينة صنعاء العديد من الأشياء كالأمن وحرية العمل والرأي، نفتقد للعديد من أهلنا وزملائنا في العمل الإعلامي والحقوقي، بعضهم استشهد وتم أسر البعض منهم.. نفتقد لمعالم مدننا التي شُوهت ودُمرت أجمل معالمها، ولم يبق منها سوى الركام، أفتقد بشدة بيتي الثاني إذاعة صنعاء التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، لكنا أقسمنا بدماء من سقطوا إننا سوف نعيد بناء ما هُدم ودُمر، وسنعمل لإستعادة اليمن الباسم السعيد مرة أخرى مهما كلفنا الأمر.
* لو كانت بيدك قيثارة ستعزف لحنا شجياً أي لحن ستعزفين لتهدئة نفوس المتقاتلين؟
– سأعزف لحناً للسلام الذي أصبحنا بأمس الحاجة إليه، لحن يزيل كآبة الحياة، ورائحة الدم والبارود والموت من شوارعنا وحاراتنا، التي لطالما كانت آمنة، بحمد الله وتوفيقه لقد تمايزت الصفوف الآن، وعرفنا في هذه المحنة من يحبون تراب هذا الوطن، ممن يزايدون عليه، وسيكون طريقنا واضحاً بعد هذه المحنة
* بين حضرموت وصنعاء كيف تحقق الحلم وأصبحتِ ناشطة معروفة في مجتمع ذكوري؟
– بين حضرموت مسقط رأسي وصنعاء رمز السيادة والتاريخ، أشرقت بداية حلم وأول خطوات مشوار تخللته الكثير من الصعاب، لكوني ناشطة أنثى، ساعدني في مشواري في المقام الأول أبي محمد باكثير، والكثير من الزميلات والزملاء، كي أقف على عتبات النجاح اليوم.. وأحصد مع أصدقائي وصديقاتي ما زرعناه سوياً كشباب طامح إلى دولة مدنية ومجتمع حقوقي واعٍ.
ما الذي ستقولينه لشعب السودان لتطمئنيهم على اشقائهم في اليمن؟
في البدء أشكر شعب السودان الشقيق لوقوفه مع اخوته في اليمن سلماً وحرباً، فالسودان احتضن بحنان أخوتنا المصابين في الحرب، والجندي السوداني يقف معنا وعلى أرضنا لإعادة الأمن والأمان لمدننا، وقد اختلط دمه بدماء اشقائه اليمنيين دفاعا عن الوطن والشرعية، بصراحة إن الشعب السوداني علمنا حقيقة المقولة: (إن الصديق وقت الضيق)، سأقول لكم يا أشقاءنا في السودان: اطمئنوا فالشعب اليمني هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، وإن (الايمان يمان والحكمة يمانية)، إن اخوتكم باليمن سيكونون بخير بعد أن تزول الغمة وتلملم الحرب جراحها وتغادر، ولطالما تعرضت اليمن للأهوال والصعاب، لكنها كانت في كل مرة تلملم جراحها وتنهض من جديد أقوى مما كانت عليه.
في الختام: هل سمعتي بأن مطرباً سودانياً اسمه عبد الدافع عثمان تغنى بأغنية جدك باكثير (يوم البحيرة)؟
بأمانة أنا أعرف هذه القصيدة وجدنا هذه القصيدة ضمن الكثير من المسودات التي خلفها جدي من مخطوطات لقصائد ومسرحيات وروايات أرسلت إلينا من منزله بمصر، وكنا نعد لنشرها مع وزارة الثقافة قبل الأحداث واحتلال صنعاء، لكني ما سمعت بأن هناك من تغنى بها, لأنها غير معروفة كثيراً حتى في أوساط اليمنيين فكيف وصلت للسودانيين؟ لكني متشوقة الآن لأبحث في الأنترنيت عن أغنية (أذكريني وأذكري يوم البحيرة) للمطرب عبد الدافع عثمان إن من الله علينا بكهرباء وخدمة أنترنيت تسمح بفتح اليوتيوب .
حاورها: مصطفى نصر
صحيفة آخر لحظة