يبدأ اليوم الاقتراع لاستفتاء دارفور الإداري وهو حق نصت عليه اتفاقية الدوحة، ولابد للدولة أن تجريه ليقرر أهل دارفور في شأن يخصهم ومتعلق بمستقبلهم ومستقبل دارفور كلها التي عانت من الحرب والخراب والدمار. فأهل دارفور بالتأكيد سيقولون كلمتهم في اختيار الإقليم الواحد أو الأقاليم الخمسة أو إن كانت هناك زيادة لأقاليم، ولكن بالتأكيد أهل دارفور يعرفون مصلحتهم تماماً، فالسلطة عندهم أهم من كل شيء وكما يقولون (سلطة للساق ولا مال للخناق) فهم أدرى بشؤون الحكم، وكيف يحكمون أقاليمهم أو ولاياتهم الخمس، فالفرصة الآن جاءتهم على طبق من ذهب ولابد ألا يستجيبوا لأقوال المتربصين والطامعين في استمرار الحرب واشتعالها بين أبناء الوطن الواحد، فاستقرار دارفور فيه خير لها ولكل أهل السودان لما تتمتع به من خيرات أعلاها وفي باطنها. فمازالت دارفور حبلى بكميات كبيرة من البترول والذهب والحديد والفوسفات، ومعظم المعادن التي يلهث المستعمر من أجلها ويحاول بشتى الطرق ألا تستقر دارفور وأن تظل النار فيها مشتعلة ببنزين الظلم والحقد والغبن لأبنائها، ولكن نحن نعلم أن نار القرآن المتقدة فيها ستجعل لها مخرجاً مما هي عليه أو ما أدخل فيها بسبب المطامع الشخصية، إن كان من أبنائها أو الطامعين فيها، فبدأ أهلها يقولون كلمتهم عبر صناديق الاقتراع وهم أحرار فيما يختارون. ولكن السنوات الماضية والتي جعلتهم مشردين في ديارهم وفي معسكرات اللجوء ستجعلهم يختارون ما هو أفضل لمستقبل حياتهم وليسوا في حاجة لتبصيرهم بما هو أجدى وأنفع. وزيارة رئيس الجمهورية الأيام الماضية بالتأكيد لها وقعها وتأثيرها، وقد شهدنا كيف خرج الأهالي لاستقباله زرافات ووحدانا، وهذا يدل أيضاً أنهم مع الخيار الأفضل للحكم، وربما حسموا أمرهم قبل أن يلقوا بالأوراق تلك داخل الصناديق، وما يجري اليوم أو غداً هو أمر محسوم بالنسبة لهم في اختيار الأقاليم المختلفة التي تمكنهم من حكم أنفسهم بأنفسهم ومن ثم التفرغ لعملية التنمية والبناء والاستقرار. ودارفور غنية بخيراتها التي يتغذى بها الوطن بالداخل والخارج، وعلى أبنائها أن يلقوا السلاح وأن يحملوا معول البناء والتعمير، وما هي إلا فترة قصيرة ستعود إلى سيرتها الأولى، وكما كانت تساهم في كسوة الكعبة المشرفة التي لم تتشرف بها أية دولة إلا دارفور.