أم وضاح
{ ليس بالأمر الجديد أن يقدم والٍ من الولاة الدعوة لأهل الإعلام، وليست المرة الأولى التي نشهد فيها مولد مشروع أو مبادرة لمسؤول من المسؤولين، لكنها من المرات القلائل التي أشاهد فيها مسؤولاً حافظ لوحه ومذاكراً وعارفاً معنى كل كلمة يقولها ويعنيها، و(أمس) شكلنا حضوراً في دار نادي الشرطة الرحيبة تلبية لدعوة والي الجزيرة “محمد طاهر إيلا” للحديث حول نداء ولاية الجزيرة للتنمية والخدمات، أول ما لفت نظري أن الرجل ابتدر حديثه حتى انتهاه من غير أن يستعين بورقة تذكره أو مذكرة تصححه، كان يتحدث عن الولاية حديث العارف بها بكل دقة وبكل تفصيلة، شخص المشاريع التي قامت أو التي هي بصدد القيام، ورغم أن الرجل بحساب الأيام والشهور والسنوات حديث عهد بولاية الجزيرة التي سبقه عليها الكثيرون، إلا أن بصمة النجاح كما قرص الشمس لا تخفيه غيمة أو تحجبه حُجب، لذلك فطن “إيلا” إلى أن الجزيرة لا بد أن تنهض بسواعد بنيها، لأن الطموح أكبر من دعم المركز، والآمال لا تنتظر الميزانيات المقصرة والعاجزة وولاية الجزيرة لها من الأبناء رجالاً ونساء، يستطيعون أن يحولوا المستحيل إلى واقع، ويقربوا البعيد ليجعلوه في أكفهم، بل وأقرب إليهم من حبل الوريد، لذلك اعتقد أن هذا النداء الذي ستتكامل فصوله هذا المساء بقاعة الصداقة ويشرفه الأخ الرئيس، سيجد من الاستجابة ما يفوق حد التصور، لأن أبناء الجزيرة يجلسون في خانة الاستعداد لإحراز الأهداف تحت كل الظروف، لكل ذلك فإن لقاء دار الشرطة (أمس) كان فرصة سانحة لتبادل الآراء وطرح الأسئلة التي جاوب عليها دكتور “إيلا” بصبر حسدته عليه، وعلى فكرة صفة الصبر هذه واحدة من متلازمات النجاح، والرجل الصبور يسمع ثم يتكلم، يحلل بهدوء ونفس طويل ثم يرد بلا انفعال أو ردود غاضبة، لذلك جلست طوال المؤتمر وأنا أراقب هذا الرجل وهي المرة الأولى التي أقابله فيها وجهاً لوجه، لم يتخلَ عن هدوئه رغم سخونة بعض الأسئلة التي دخلت في خانة الهجوم الكاسح، فقلب اللعبة لصالحه وكسب الجولة بإجابات منطقية ومقنعة ومرتبة.
الدايرة أقوله إنه البلد دي ومن الآخر كده لو كان فيها عشرة ولاة من ماركة “إيلا” فلن نحتاج لأكثر من سنوات وتعود إلينا نسائم العافية وتغشانا الصحوة وتنهض كل ولايات السودان، والرجل لم يحمل عصا سحرية عندما كان في بورتسودان، ولم يهده أحد مصباح “علاء الدين” عندما جاء إلى الجزيرة، الرجل سوداني حر ووطني غيور يعمل في صمت من غير بطولات ومن غير ادعاءات وصخب براميل فارغة، لذلك فإن الجزيرة موعودة بخير وفير مؤكد سيفيض ليعم كل السودان كما كان حال الجزيرة أيام أن كان مشروعها ليهو شنة ورنة، فالتحية للجزيرة والتحية لـ”إيلا” الرجل الذي ألغى بهذا الانتماء المطلق للجزيرة كل دعاوى القبلية والحزبية، وأكد أن السوداني الصالح هو من ينتمي بفكره وأحاسيسه وجهده للمكان الذي يتولى مسؤولياته، فلتنعم بجهدك الجزيرة ولتهنأ بنتائج هذا النداء القائم بي نمرة خمسة وبلداً ما فيها “إيلا” يا حليلا!!
كلمة عزيزة
{ أدهشني الحب الذي كان يتحدث به أهل الجزيرة من الإخوة الحضور، عن ولايتهم الأم، وهذا الحب هو ديدن أهل السودان في كل مكان وزمان، فقط هم في حاجة لمن يقودهم نحو مرافئ الخير وسبل العطاء، لكن أدهشني الفريق “عبد الرحمن حطبة” الذي (هندس) هذا اللقاء وهو يتصل بي على رأس الساعة ليطمئن على سير اللقاء من داخل القاعة وليطمئن على ضيافة من حضر، وها هو سوداني صالح آخر يعمل بصمت من غير ادعاء.
كلمة أعز
{ وتاني بلداً ما فيها “إيلا” يا حليلا.