(1) استبشرت الولاية الشمالية عامة, ومحلية الدبة خاصة بمشروع شركة أمطار الإماراتية الزراعي ومنحتهم آلاف الافدنة و الماء الزلال كما استقبلتهم البلاد بترحاب وبشر على أعلى المستويات وللأسف لم تحصد محلية الدبة حاضنتهم إلا السراب , في الوقت الذي تحقق فيه أمطار ملايين الدولارات من الأرباح تعبر بها حدود البلاد !
فلم نر من أمطار أي عمل خدمي أو مسؤولية اجتماعية ( ملموسة) في المنطقة التي تحتضنها نظير ما تجني من خيرات وتستنزف من مياه جوفية عذبة لا تقدر بثمن مقابل أن تصدر ( أعلاف ) ولاحتى محصول استراتيجي كالقمح ينفع الناس !
وﺗﺘﺴﺒﺐ هذه ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍم ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ من قبل ( أمطار) ﻓﻲ ﻧﻀﻮﺏ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻧﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻀﺮ ﺑﻌﻤﻞ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎئد ﺍﻟﺴﻤﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ .
ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ تسبب ﻧﻀﻮﺏ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺖ ﻣﻼﺣﻈﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻓﻲ انحسار النيل بالشمالية بشكل ملحوظ الذي اكتشف تغذيته من الحوض الجوفي النوبي بالإضافة إلى الأمطار . ﻭﻳﻀﻌِﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻀﻮﺏ ﺃﻳﻀًﺎ ﻣﻦ ﺻﻤﻮﺩﻧﺎ ﻓﻲ
ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ والغذاء ﻭﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﺣﺘﺮﺍﺭًﺍ , فمعروف أن ( العلف) الأعلى استهلاكا للمياه !
(2)
قامت الشركة بحفر أكثر من 90 بئرا في رقعة أرض واحدة في مساحة متقاربة وغرست أنابيبها لتمتص المخزون الجوفي الاستراتيجي من عيون الحوض النوبي, لتزرع مقابل ذلك ( علف) وهي تستهلك موارد مائية عذبة أعلى قيمة أضعاف المرات من الذهب والنفط ؟
السؤال في مقابل ذلك ماذا تجني الولاية الشمالية أو المحلية التي تجف الأرض من تحت أقدامها ؟!
للأسف ولاحتى ( الفتات) , مشاريع كهذه تستنزف الموارد وتستهلك أهم مورد في الحياة وهي ( المياه) يتعين على المستثمر مسؤولية اجتماعية واخلاقية ملزمة يقوم بها من غير أن تفرض عليه أو تكتب في اتفاقيات من منطلق المروءة والاخوة والدين .
(3)
محلية كالدبة فقيرة ليس لديها موارد وتحمل على عاتقها حملا ثقيلاً تنوء به الجبال الراسيات , مدينة الدبة حاضرة عشرات القرى, بنيتها التحتية ( منعدمة) لايوجد بها حتى 5 كيلومترات من الشوارع المسفلتة وتفتقد للكثير في مجال الخدمات والصحة والتعليم , وهي تحتضن مشروع كامطار لاتقبض منه إلا الريح ( كالعير في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول) !!
نتمنى أن ينظر مسؤولي شركة أمطار نظرة استراتيجية و قبلها ( إنسانية ) ليفيدوا ويستفيدوا ويتبادلوا المصالح والمنافع حتى يشعر أهل المنطقة بأنهم منهم واليهم وليسوا كجسما غريبا يمتص مواردهم دون أن يقدم لهم شيئا في أنانية مقيتة!
فمتى تمطر ( أمطار) حولها ﻏﻴﺜﺎً عميما نافعاً ﻣﻐﻴﺜﺎً ﻫﻨﻴﺌﺎً ﻣﺮﻳﺌﺎ ﺳﺤﺎً ﻏﺪﻗﺎ ليس هدما ولاضار !
بقلم : محمد الطاهر العيسابي
motahir222@hotmail.com