أقف وقفة مع الطريقة «الختمية» في جانب العقيدة التي تبنّاها زعماء الطريقة «الختمية» وعملوا على نشرها، والضوء الذي ألقيه أريد أن أبيّن من خلاله أهم الأسباب التي هيّأت لانتشار هذه الطريقة في بلادنا.
فإن جانب «المعتقد» – وما وصف به «المراغنة» أنفسهم وما ادعوه لها وما أخبروا به «خلفاءهم» و«مريديهم» عن أنفسهم به ووعودهم العاجلة والآجلة «ترغيباً» و«ترهيباً» – إن هذا الجانب يعتبر جانباً مهماً في جلب «المريدين» للطريقة، وكثرة الأتباع، وحسب من يريد دليلاً على هذه الدعوى أن يطلع على ما ادّعاه زعماء الطريقة «الختمية» لأنفسهم ، والمنشور من «المنظوم» و«المنثور» في ذلك كثير لا يحصى إلا بكلفة !! لكني أنتقي النماذج التالية :
يقول الميرغني «الختم» واصفاً نفسه وآله مدعياً دعاوى عريضة لنفسه وآله «مرغباً ومرهّباً» وذلك في إحدى قصائده في ديوان مجمع الغرائب المفرقات ص60ــ61 :
نحن مفاتيح للحضرات أجمعها ** ونحن باب الإله الواحد الصمد
ونحن برزخ بين النبوة والولاية ** العظمى أي وبـــــــابه الحمد
فمن يريد لمــــــــاذا نحن قلناه ** يأتي إلينا بإخــــــلاص بلا بدد
نعطيه مأمــــــــوله ونوله فوقاً ** وذا بفضل مرقينا العلي سندي
ومن يجافي نسد البــــاب دونه **لا يجد دخولاً ولو قد قام بالجهد
فقم مـــريد الغنى وديم فينا فنىً**تلقى علوماً تفوق الحصر والعدد
وفي ذات السياق وبنفس الأسلوب يدّعي هاشم ابن الميرغني «الختم» أنه الغوث والقطب ويدعي دعاوى كثيرة منها أنه من صغره يستمدون منه ، كما في ديوان شفاء القلوب ص74ــ75 فيقول:
أنا الغــــــــوث الذي ربي إلهي **أتى بي في الكيان بلا محال
أنا إن شئت أدعو الكون يرقص**بإذن الله وأسكـــن دع جدالي
إنا لرضائي يرضى الله ربي ** لغضبي يغضب الله ذو الجلال
أنا الهادي أنا القطب المـــقدم **لأهل الله دع عنك الفضـــــــال
وأطع واسمع ولا تنكر وبــادر ** إلى لتستقي كــــــأس الزلال
وأدخلك المسارع كل حضــرة **بيدي لا تضام فخذ مقـــــــالي
أنا مقدام أهل الوقت جمــــــــعاً** أنا متبوع فيهمـــو قطب وآل
ومن صغري استمــد الكل مني **مدادي وارتقى سطح الكمـال
وحالي ليس يدركه الطحـــاطح **تعلم حـــالتي واشطــح بحالي
ويدعي الميرغني الكبير أن مجرّد رؤيته أو رؤية من رآه إلى خمسة ينال بها الرائي الجنة!! وعجبي لادعاء فضل كهذا!! فما بال من رأوا الرسل والأنبياء؟! ومن يطلع على هذه الدعاوى يدرك لماذا وجدت هذه الطريقة القبول لدى كثير من أهلنا في زمان مضى!! في مجموعة النفحات الربانية !! ص48 نقل عنه قوله: «من رآني أو رأى من رآني إلى خمسة لا تمسه النار» وقد نظم ذلك نظماً، وهم يعلمون تأثير النظم في الأتباع فاتجه زعماء الختمية وغيرهم من أهل التصوف إلى نظم هذه الخرافات والدعاوى الباطلات في منظومات لُحّنت وحُفظت وكان ذلك من أسباب انتشارها ، فنظم هذا الكذب المبين بقوله:
لقد صار رب العزة سمعي وناظري**وقلبي ورجلي مع يدي ولساني
وأوعدني أن لا يعذب مسلمـــــــــــــاً**رآني حقيقاً أو رأى من رآنــي
وإني كبير الأوليــــــاء بأســـــــــــرهم ** جمعنا من العرفان كل بيان
قلتُ: بمثل هذه الدعاوى التي يدعيها أرباب الطرق عموماً وزعماء «الختمية» منهم، حصل الضحك على البسطاء والعوام، فصّدقوا بقلة علمهم هذه الوعود الكاذبة، وهذه «الشطحات» المضلة!! وقد سمّوها هم بأنفسهم «شطحات»!! فحصلت التبعية، بسبب الجهل والبعد عن الآيات الواضحات الجلية ، والسنن الثابتة المروية ، وطريقة الصحابة والتابعين الحنيفية، وانتكست الفِطَر السويّة، واختفت البراهين الجليّة ، بل حتى العقول المرضيّة !! فحصل الغش للأتباع والمريدين بوعد الغرور، وأنّى لشيخ منهم أو خليفة من خلفائهم أن يثبت صحة هذه الدعاوى التي تناقض الكتاب والسنة، وسيكون لي تعقيب على بعض العبارات الواردة في هذه الأبيات في المحطة القادمة إن شاء الله، وأختم هذه الحلقة بهذا النقل المشهور عن بعض شيوخ «الختمية» وهو ضمن الأسلوب المعهود منهم في «الترغيب والترهيب» ليجدوا أتباعاً للطريقة، حتى وإن كان الوصول إلى ذلك بإدعاء حق الله تعالى الذي اختص به فيدّعون هذا الحق لأنفسهم ويدّعون هذه الدعاوى لمنازعته فيه، فتأملوا ماذا يقولون عن أنفسهم فإن مما ورد عن الطريقة «الختمية» من الأسلوب الذي أرادوا أن يعرفوا به أنفسهم زوراً وبهتاناً كما في كتاب الأنوار وشرح التوسل بأسماء الله الحسني «ص228» قولهم :
يا معشر الخلق من جنٍّ ومن بشر**هل تنكروا فضلنا أم تجحدوا قدرنا
نحن الملوك وكل الملك أجمعـــــه **أعلاه وأسفله في طي قبضتنـــــــا
والأنبياء وجميع الرسل قاطبة **من رشح نور بدا من ذات واردنا
وجود آدم منـــــــــا كان منشؤه**جمال يوسف من أنوار بهـــــجتنا
طوفان نوح لــــــــــولا تداركنا**لأهلك الخلق إجمالاً وحـــــرمتنــا
نار الخليل خبت من ريق تفلتنا**ونار موسى أضاءت من محاسننـا
أيوب لما دعانا عند بلــــــــــوته **أجابه الله إجلالاً لـــــــــدعوتنــا
نحن المراغنة الأخيار من قــــدم**الختم منا وغوث الكون خادمنــا
قلتُ: لا تعليق!!!
فقط أرجو أن يطلع عليها أتباع الطريقة، واطلاعهم عليها فيه كفاية!!