وأدهم صبري بطل روايات للصبيان والفتيان ضابطـ مخابرات مصري في الخامسة والثلاثين من عمره لم يبرحها أبدا.. فارقته لأزمان ثم عدت قبل أيام لأعيد قراءته بعد أن وجدت ولدي يشتري كتبه.. كنا ننتظره كل شهر بشغف.. أصبح الولد يشتري كتابا كل يوم.. ما قرأناه في سنة التهمه هو في كم يوم..
ليس هذا ما أريد قوله لكن الكلام جاب الكلام..
أدهم صبري الخارق (رجل المستحيل) مع المسلسلات المصرية جعلتنا وطنيين (مصريين).. فيوم قال محسن ممتاز لرأفت الهجان (مصر محتاجالك) وابتلع الرجل ريقه ودمعت عيناه اعترت كل المشاهدين قشعريرة لا توصف.. كنا نقرأ ذلك كله ثم لما نقرأ لأدبائنا نجد ديوانا باسم (ملعون أبوك بلد) أو (أم درمان تحتضر).. حتى سطوة أم درمان هذه صنعها شيء أقرب لأدب المصريين.. فالتغني لأم درمان والكتابة عنها جعلها مدينة أعلى من غيرها وأغلى رغم أنها لا تقارن مع سنار مثلا في العراقة ولا مع مدني..
الشاهد أن الأدب والفن هما ما يخلق الوطنية وينميها.. يضع الخطوط الحمراء وينادي بالاخضرار..
صوت اليمني يحيي المزارع كان أقوى من كل الخطب المعلبة.. كل هذا لتنظروا إلى كتابات في الوسائطـ الاجتماعية تنبئكم إلى أين وصل الاختلاف والتباين في وجهات النظر، ليس ما بين الأجيال بل ما بين أفراد جيل واحد يضعون الرقم (ناين) بينهما ويصر الآخر أنه رقم (6).
من تحدث عن الوطنية عدوه حالما أو حائزا على غنيمة فلم يفرقوا ما بين العلم والراية لما تعددت الرايات وتوارى العلم كما تلوح قيمتها في مارس فقط..
ألف قصة عندنا لم يخرجها الدراميون ليحكوا قصتها للناس.. بعانخي لم يقترب منه أحد ولا تيراب ولا ترهاقا ولا المهدي ولا علي عبد اللطيف..
كل صبي سيحكي لك قصة دكين لأنه رآها وحفظها رغم أن دكينا هذا قاطع طريق ولكن راسم الطريق لا ممثلين له.. وكدنا نهلل في مسيرة إذا ما حكوا لنا قصة الخواجة عبد القادر لأنه عاش في السودان وعبد القادر ود حبوبة مدفون في الحلاوين وكتب التاريخ.
متى نكتب عن عظمائنا وعن مفكرينا بدون وصاية أن المرحوم قد اختلف مع خلف خلاف.. فغيب سيرته وكنس آثاره؟ كما أرادت الأحزاب أن تفعل مع مايو فخلعت رياح الإنقاذ خيامها وكفت قدورها وأبو سفيانها لا يزال يحب الزعامات..