انتشار المخدرات وتعاطيها وبيعها أصبح أمراً مخيفاً، فما أن تكشف الأجهزة الأمنية والشرطية كميات منها في طريقها إلى العواصم، تتجدد الكميات بمناطق مختلفة أخرى ولم تسلم المدن الكبيرة أو الصغيرة من هذا الداء الاسمه مخدرات، ولا ندري ما هي الأسباب التي أدت إلى انتشارها بهذه الصورة، وهل هناك جهات تساعد في التستر على المروجين أو المتعاطين، أم أن القانون في غياب تام مما دفع بتجار المخدرات لهذا الانتشار.
لفت نظري في الفترة الماضية معاقبة الأجهزة القضائية لاثنين من النظاميين أؤتمنا على إبادة المخدرات ولكنهما حولاها لمنفعتهما الشخصية، بل مارسا التجارة، فمعاقبة النظاميين يدل على أن القضاء ما زال بخير، لأن الأجهزة النظامية المختلفة تعد خطاً أحمر لا أحد يستطيع أن يطالها بشيء ولو كان صحيحاً، ولكن إصدار حكم الإعدام في مواجهة أولئك قد يساعد في تخويف الآخرين، لأن تلك الأجهزة أحياناً تعتقد أنها محمية ولا أحد يستطيع سؤالها، إلا أن القرارات الصادرة تعيد العافية للجسد المريض وتوقف الآخرين إن حدثتهم أنفسهم بممارسة نفس الدور الذي يمارسه غيرهم.
أذكر عندما تم تطبيق الشريعة الإسلامية في العام 1983 وصدر قرار بمصادرة كل الخمور من أماكن بيعها وإبادتها بالنيل، كان هناك أيضاً بعض ضعاف النفوس الذين أوكلت لهم مهمة إبادة الخمور، فبعد الحملة الكبيرة والجرافات والكراكات التي حاولت أن تطحن زجاجات الخمور المستوردة، عاد ضعاف النفوس وانتشلوها من باطن الأرض، لأن الإبادة لم تتم بصورة كاملة خاصة وأن الأرض طينية فقاصت الزجاجات تحت الأرض، فجاء أولئك وحملوها في جوالات.
إن ضعاف النفوس في أي مكان موجودون، فالمخدرات الآن تدر أموالاً طائلة وهي الطريق السهل نحو الثراء.
ولذلك يسيل لعاب أي شخص يريد الثراء خاصة وأن الشيطان يبرر لأي شخص ويسهل له الأمر، فيسقط ضعاف النفوس أمام الإغراء الإبليسي بعد أن يأخذوا قطعة أو قطعتين تدر عليهم مالاً وفيراً ويستمرون في ذلك إلى أن يكشفهم المولى، لأن الله قال في محكم تنزيله: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا)، ولكن هذا المد لن يطول وسينكشف الأمر بعد ذلك، لذا مهما ظن الفاسدون والمفسدون أنهم في مأمن سوف يكشفهم المولى، ولذلك لا بد أن تفعّل القوانين حماية للوطن وحفاظاً على أبنائه من هذا الداء الذي ظل ينتشر في كل مكان.