المصائب لا تأتي فرادى، الصديق علي عوض الله، شاب عمره (26) عاماً، أكبر إخوته، والكل كان في انتظاره ليشب عن الطوق، يكبر ليشيل الحمل، وينفض عن أسرته غبار السنين، الأسرة تقيم في أنحاء رفاعة في منطقة الصبوحاب، الصديق حفيت قدماه ليعثر على فرصة سفر، وأخيراً وجد عقد عمل (راعي غنم) في أنحاء نجد، غير أن القدر كان يتربص به هناك، سافر وأمضى أربعة أشهر في المملكة السعودية، وأخيراً عثر على عمل، الصديق لم يقبض راتب شهره الأول بعد، تدهسه عربة، الكل كان يظن أنه فارق الحياة لحظتها، نقل إلى المستشفى، الأطباء بذلوا جهدهم، نجا من الموت، غير أن فقرتين من السلسلة الفقرية أصيبتا بتلف، أمضى في المشفى شهوراً، التقرير الأخير أوصى بأن يعود للسودان، ليتعافى رويداً رويدا، الإخوة والأقارب أخرجوه من المشفى ليعود للسودان، وهو يحتاج عناية خاصة في الحركة والأكل والشرب، ويحتاج رعاية لصيقة.. والحال يغني عن السؤال، تدبروا ثمن التذكرة على الخطوط السعودية، ومن ثم جاءوا به إلى المطار، وهي مشقة كبيرة، قالوا لهم إن هناك نشرة من مطار الخرطوم، تفيد بأن الناقلة أو الرافعة على الأرض التي تستقبل هكذا حالات معطلة، ولا يمكن أن نخاطر، بحمله إلى هناك، إلا بعد أن نتأكد من أنها تعمل.. ومتى ستعمل؟ قالوا لهم إن شركة الخرطوم القابضة للمطارات قالت أمهلونا يومين، عادوا بعد يومين والحال نفس الحال، وظلوا يترددون على المطار، مرة مع مريضهم، ومرات من دونه، ولا فائدة والإجابة واحدة: “لم يفيدونا بعد بأن الرافعة تمت صيانتها وعادت للخدمة”، بدورنا سألنا مدير الإدارة العامة للعمليات بشركة مطار الخرطوم عصام جري الذي أكد لـ(اليوم التالي) أن الرافعة متعطلة وأنها ستعمل خلال ساعات.. اتصلنا به مراراً وقال إنها ستعمل، وإن العطب في طلمبة، مضت على وعده (48) ساعة والرافعة لم تعمل، والصديق الشاب المصاب منتظر، وأهله يغدون ويروحون، هنا وفي السعودية.. المصادر من داخل المطار تؤكد أنهما رافعتان وكلتاهما متعطلة، وأن نشرة عممت بأمر من قانون الطيران إلى جميع الشركات والمطارات التي تهبط طائراتها في مطار الخرطوم، أن مطار الخرطوم بلا رافعة..
الانتظار طال والمعاناة تطاولت فهل من حل؟
صحيفة اليوم التالي