الاحساس الذي ينفجر في دواخلنا يشعرنا بالألم حتي لو ذهبنا إلى الدكتور مرتين في الأسبوع وأن تتسمر أمام المرآة لاثبات أنك موجود لا يتوقف هذا الاحساس حتي لو تكسر هذا الزجاج وتبعثر وجهك على الأرض كبقايا إنسان تحدد ملامحه الأشياء… وكأن المعنى يقود إلى دلالة زول من زجاج.
إذا ذهبت إلى السوق واشتريت بكل ما في جيبك (لحمة) لا يمنحك القدرة على استمرارية الاستقرار أو تحريك الفرح لأن النهاية تتوقف عند (عود ثقاب) صغير تحركه بين اسنانك لاخراج سواقط لذة الأكل.
ما بين سيد البقال والمرتب ود متبعثر أحياناً يقود إلى الاستياء والتوتر رغم وجود اللافتة المضيئة (ممنوع الدين حتى لو بعدين).
فرشاة الأسنان والمعجون وقطعة الصابون والتلفزيون والتلفون وساعة اليد كلها أدوات تؤكد أنك على قيد الحياة تمارس التنفس على نسق منتظم أو على طريقة (ناس الأزمة) وسقوط أي من هذه الأدوات ربما يحيل فراغك المنتظم إلى فراغ مشاتر وقاتل وعنيف ربما يجعلك عضواً دائما في منظومة (السلوك الضاربة) في محمية عش المجانين.
أحياناً نضطر للبكاء لاثبات أن عيوننا (شغالة صاح) في حصيلة وارد الانفعال وصادره وقاتل الله النظارات السوداء التي تخفي التعابير وتجعل الحياة لونها داكن جداً.
الاستماع إلى الأغنيات الحزينة هو الجزء المريح في (كيمياء) التفاعل والجزء المخيف في (فيزياء) الواقع المزري.
حفلات الأعراس التي نصنعها عبثاً لا تبين أن الفرحة مجرد رقصة وسط الضجيج لأن هنالك سرادق عزاء منصوبة داخل (القلب الموجوع).
تحركت فسيفساء الواقع إلى السطح بهدوء ولم تظهر إلا حشرة صغيرة تطارد نيران اللهب لتموت بشرف.
سنوات وكنا نبحث عن مقولة مفرحة جداً نلتقطها عند لقاء الأحبة ولكن اكتشفنا أن قناع المجاملة يذيب نصف الفرحة .. بينما يضيع النصف الآخر في دوامة التكليف وزيف الاجتماعيات ماضينا أغبر وحاضرنا مؤلم ومستقبل قاس فتوقفت القلوب عن (منادمة) الأمنيات الموسمية ولم تتوقف الأزمنة وكانت لنا أيام.
أنا اكتب إذن أنا موجود .. أنا أبكي إذن أنا موجوع .. لست أدري لماذا نحتفي بهذه الكلمات (المفخخة) ونضعها بين قوسي (الفلسفة) ولا نكترث إن قالها مزارع بسيط أو صحفي بائس .. فالدلالات لا تمنح شرف الإجادة لقائليها إلا إذا أحدثت التغيير الفسيولوجي والإنساني .. وماسورة المياه التي كانت تمنح الزرع الاخضرار .. الآن تحولت إلى مقبرة عتيقة (ملطخة) بالحداد.
طفل صغير وجدته يبكي بحرقة .. ودموعه البيضاء تغطي نصف وجهه الوسيم .. اقتربت منه فقال بعفوية (عايز بالونة) ادخلت يدي في جيبي وأخرجت بقايا (الفكة) ذهبنا سوياً إلى البقالة واشتريت له بسكويت لم تمض لحظات إلا وتهللت أساريره وأشرق وجهه بالضياء والفرح واكتشفت أن بعض الأمنيات ثمنها أقل من قطعة شوكلاتة.
الناس في بلدي لم يعودوا يصنعون الحب لانشغالهم بصناعة الخبز .. وما بين الحب والخبز كان الطريق سالكاً لاجتياز المطبات فدخلت قاعدة التناسب العكسي وجعلت كلاً منهم يحلق في واد.
ملعون أبو الظروف ذاتا !!!!