وأنا ..بالي مشغول
أوقفت سيارة أمجاد ..بعد المفاصلة في السعر والاتفاق على (المعقول) ..تحركت بي السيارة وهو يضحك على تعليقي بان بنك السودان يجب ان يصدر عملة اسمها (المعقول) ..ذلك انني حتى الان لم اجد سعر صرف ثابت لها..فالمعقول كلمة فضفاضة تحتمل كل الاسعار ….ساد الصمت ..سألته فجأة (انت الكاتب الجملة في الضهرية دي؟؟) ..كان مكتوبا على ظهر الامجاد (شيليني من بالك) ..قال السائق انه اشترى العربة بجملتها هذه ..ولم يفكر في تغييرها …الحقيقة لفتتني العبارة ..يطلب كاتب الجملة من شخصية محددة ان (تشيله من بالها) ..كأن الامر بيدنا …ان يدخل احدنا شخصا ما في باله ..أو (يشيله) بذات البساطة التي يضغط بها على كلمة (delete) .. الشئ المضحك انه في المقابل (ما شالها من باله) …بدليل جملته هذه التي ستقابله ليل نهار ..يبدو انها احتلت باله حتى قرر بيع العربة بعبارتها …وانا في خواطري هذه …مرت حافلة مكتوب عليها (السمحة ست الناس يا ريتني في بالها ) …فابتسمت رغما عني ..انظر الى هذا الذي يتمنى ذات الشئ الذي يشقى به ذاك ..هل هي الصدفة المحضة ؟..ام انني اليوم موعودة بالكتابة التي تتعلق بالبال ….عالم مارك الافتراضي ..يشيع هذه الايام تطبيقات عديدة ..من شاكلة من هو أقرب أصدقاءك؟؟ ..من الذي يحسدك !! واشياء من هذا القبيل ..اليوم فاجأني بتطبيق اسمه (من هو اكثر صديق يمنحك أوسع ابتسامة ) ..الحقيقة ملأني الشغف لاخوض هذا التطبيق ..كنت أريد ان اعرف ..هل يملك مارك هذا (جنا أزرق ) يدخل في بالي ويعرف احوالي؟؟ ..ام ماذا؟؟ ..لكن الابتسامة الواسعة كانت في نهاية التطبيق.. ذلك ان الاسم الذي منحه لي .. ..وجدت صعوبة في تذكره.. ليس من المقربين او الاقارب ..ولم يكن حتى من المداومين على متابعتي …..يبدو ان تلك الشخصية كانت في بال الفيس ..ولكنها ليست بالضرورة في بالي انا …الشاهد في الموضوع ..ان البال يبدو انه خارج السيطرة ..لا انا ولا وانت ولا صاحب الامجاد او صاحب الحافلة ولا حتى مارك بتطبيقاته .. يمكنه توقع ما يحدث داخله …كم من صورة هززنا رأسنا مرارا لنزيلها عن بالنا ..فألح شبحها علينا ..اغلقنا خلفها الابواب واوصدنا النوافذ ..فأطلت من بين شقوق حائط البال …ثمة مقدمة لاغنية مسلسل مصري ..كلماتها تقول (ايه اللي يساوي راحة البال ..غير صحة وستر ورزق حلال ) ..ربما قارب الحقيقة.. ولكن الصدق ..ان لا شيء يساوي راحة البال …لا شيء ابدا …كنت قد وصلت الى نهاية مشواري ..وانا اترجل من الامجاد ..اتسعت ابتسامتي حتى كادت ان تتحول الى قهقهة ..لا لا يمكن ان يكون الامر صدفة ..فقد مرت ركشة كان مكتوبا عليها.. (انت فايق ورايق وانا بالي مشغول).
د. ناهد قرناص