يحكى أنّ هذه الفئة من البشر لا يخلو منها مجتمع إنساني، وهي للأسف منتشرة انتشار النار في الهشيم في ثنايا المجتمع السوداني، وللتعريف التقريبي: هي تلك المجموعة من الناس التي توافقت بشكل (نفسي تآمري) على توجيه الانتقادات السلبية إلى كل شيء، مع ضخ قدر هائل من النصائح (الخاملة) التي تقود لا إلى أمام ولا إلى وراء؛ بل تظل قيمة تثبيطية وتعطيلية للآخرين ووضعهم في وضع المتعطل أو المعطل بالرغم من أنهم (الآخرين) في وضعية المنتج والفاعل بعكس مطلقي رشاشات الانتقاد المتصلة بلا توقف. قال الراوي: وللتقريب أيضاً أوضح أنموذج لهذه الفئة الكلامية منتجة اللاجدوى؛ نجده متوافراً في المجتمعات الكروية، حيث (تطفح) هذه المجتمعات بهذه الشاكلة من البشر، الذين يبدون ميلاً (عجيباً) للظهور بمظهر العارف و(اللعاب والكوتش) والمخطط أكثر من اللاعبين والمدربين والحكام وإدارات الأندية، حيث تجدهم دائماً (مستثارين) وهم يطوون الصحيفة الرياضية ويشيرون بـ(أصبع الخبرة): لو كان وضع فلان مكان فلان، كان حدث وحدث وحدث. أو تجدهم ينبشون خطأ تكتيكيا للمدرب علان والنقص اللياقي للاعب فلان وهذا في كل الأحوال إن كان الفريق منتصراً (حالة الفرح) أو كان منهزماً (حالة الحزن). قال الراوي: بيد أن النموذج الأخطر لهذه الكائنات الانتقادية الكلامية المجدبة؛ يتوافر بكثرة في المناسبات الاجتماعية (العادية) وفي المواصلات وأمكنة العمل؛ باختصار في كل مكان سوداني، وأنموذج ساطع وشائع (أيضاً) هو أنموذج (الحفلة والمقابر)، حيث يأتي الكائن الانتقادي ويجد الشباب (الفاعلين) قد انتهوا من تجهيز الصيوان أو إعداد القبر، لكنه رغم ذلك ودون أدنى مراعاة للتعب الذي بذل يبدأ بتوجيه انتقاداته وتوجيهاته (الميتة) بإبدال وضع (الكوشة!) أو إعادة حفر (ود اللحد) أو.. كل هذا وهو يقف بعيداً دون أي مشاركة في (الفعل) أو إنزال هذه الملاحظات – التي تخصه – إلى أرض التنفيذ. قال الراوي: وهكذا يمكنك تتبع هذه الكائنات الخرافية في أي مكان ووسط أي شريحة مجتمعية، بين المثقفين تجدهم متحفزين حين يخرج أحدهم كتاباً ما فينبرون لتبخيس الفكرة ووصمها بالضعف والنقص، وهذا بالطبع دون أي مبادرة إنتاجية حقيقية سباقة تنزل هذه الفكرة على أرض الواقع قبل الإنتاج الفعلي، ومن غير استناد على معايير نقدية حقيقية (فكرية) تضيء الفكرة وتفتح لها مدارك أخرى؛ لكن فقط الانتقاد والحط من قيمة الشيء والتكرم باقتراحات هزيلة بديلة تذهب مع ريح الكلام. ختم الراوي قائلاً: وتجدهم هكذا في كل مكان ينتقدون وينتقدون وأبداً لا يفعلون.استدرك الراوي؛ قال: بدلاً عن الانتظار تقدم يا أيها الـ(كائن الانتقادي) ونفذ فكرتك قبل الآخرين.