لماذا لا يعود مولانا ولو على طريقة (إفراج مؤقت)

لشاعرنا الكبير الراحل محمد الحسن سالم حميد قصيدة مشهورة، كان قد نظمها عندما تسامع الناس عن عودة وشيكة لمولانا الميرغني إلى البلاد، بعد طول قطيعة وخصومة ومعارضة شرسة لنظام الحكم، كان شعاره فيها (سلم مفاتيح البلد وما بتسلم)، قصيدة حميد التي نظمها في عام (2007) تقريباً وجعل لها عنواناً يقرأ (عودة وفودة يا عثمان)، يقول في جزء منها (جِيدْ بي جيتَك عُودَة وفُودة… يا تُو طيوراً تنسى بِلُودا زي ما مكة اتْلَفُّو وِفُودا… الخرطوم ازدانَتْ قُودا عديلة مَنَفَّل يا ابن الخاتِم)، ويختمها قائلاً (جيِدَنْ جيت يا جاد يا جيِّد… يا أجْوَاد يا دابنَا نعيِّد.. أفتَح بابك يا شاهد وقيِّد:… نحنا نأيِّد حزب السيِّد.. عاش أبو هاشم حوض العاشم). تذكرت قصيدة حميد هذه وأنا أتدبر حال أهلنا الاتحاديين الذين فشلوا حتى أمس في مقابلة مولانا رغم وصول بعض كبارهم إلى مقر إقامته بلندن خصيصاً للقائه، ليس هؤلاء فقط بل فشل آخرون عديدون في لقائه، وما يثير العجب في موقف مولانا المستعصم بالبعد والصمت عن البلاد والحزب، أن ما آل إليه حال الحزب الذي يرأسه يثير شفقة الأعداء قبل الأصدقاء، ويظل في أمس الحاجة لوجود رئيسه في الميدان، أو على الأقل أن يكون على اتصال وتواصل بكباره وقياداته وهذا أضعف الإيمان، ولكن للأسف حتى أضعف الإيمان هذا لم يحدث، ولم (يتسركن) مولانا مع زائريه على قول راحلنا المبدع عثمان اليمني (بعد ما كنتَ أمباشي ولي شريطين.. أنا بقيت خيّات أرقّع في الدلاقين.. قعاد المكني سبب لي الطواعين.. القميص أبْ رقبي وليهو جيبين.. سيدو إن اتسركن معاك أديكَ قرشين)…
وما يزيد وضع هذا الحزب المنكوب والمنكود ضغثاً على أبالة أن رئيسه بوضع اليد ومساعد أول الرئيس مولانا الصغير قد (حرد) المنصب واستعصم هو الآخر بالعاصمة المصرية، وإن كان لي من نصيحة أسديها لهذا الحزب الذي أفنى فيه والدي رحمه الله حياته، فلن تكون أكثر من مقولة سابقة لمولانا ذاته، وهي أن عُدْ ولو على سبيل الإفراج المؤقت، مولانا الميرغني حين عاد إلى البلاد بعد طول بعاد بطريقة مفاجئة، لم يكن يخطط لها بل فرضتها ظروف وفاة شقيقه أحمد الميرغني، كان قد وصف عودته تلك بأنها (إفراج مؤقت)، وما أحراه اليوم إن لم يمنعه الشديد القوي من عودة شبيهة لتلك ولكن ليس للتشييع، وإنما لإنقاذ الحزب من موت يشرف عليه..

Exit mobile version