عبد العظيم صالح : كافتيريا حافظ

٭ أرجو أن أعترف وكلي أسف أن السفر على الطرقات بين مدن السودان وقراه لم يعد بالنسبة لي مسلياً أو مثيراً للدهشة والفرجة والإمتاع، تتشابه المحطات والمطاعم والاستراحات والملامح والحكايات وطعم الأشياء البارد منها والساخن (والنيء) منها و (النجيض!)
٭ وتجدني دائم التصويت مع الرأي الذي يقول نواصل طوالي وما في داعي للوقوف لإجترار ذات الحكايات أمام الإطلال، فكل بناية وكل زول يقول يا حليل زمان وحليل كرومة وخليل وسرور وأيام زمان وكان الكان!!
٭ حتى أمس الأول.. فقد وقعنا في فعل مخالف!! تحركنا من مدني ونحن مجموعة من الصحفيين ومعنا المذيع والإعلامي النجم مصعب محمود!! وهو من الناس الذين يمكنهم التخفيف من أهوال السفر والتي ذكرناها أعلاه!
٭ مصعب قال برنامجنا كالآتي: بعد ساعة ونصف نصلي جمعاً في الكاملين ونجمع العشاء والقهوة في كافتريا حافظ! بالنسبة لي بدأ البرنامج مقبولاً ! فكافتريا حافظ علم على رأسه نار، وفي نيتي التعرف على الرجل عن قرب.. في كل مرة أسأل عنه ولا أجده! في ظني أن حافظ رواية يجب أن تحكى!! فالرجل نقل الكافتريا من مكان لبيع الطعام والشراب للمسافرين إلى واحة ومعلم بارز من معالم مدينة الكاملين!
٭ المكان أضحى مزاراً لأغلب شخصيات ورموز البلد!! كيف تم ذلك؟.. الله أعلم.. والقبول طبعاً من الله!
٭ هذه هي الحكاية التي في حاجة لسرد ولإضاءة كثيفة لواحدة من التجارب التي يصنعها أناس عاديون من المجتمع ولكنهم يتركون بصمات بارزة وأعمالاً كبيرة ومفيدة يجب أن يحتفى بها وتسجل!!
٭ تحولت الكافتريا على مدى الزمان إلى منتدى يجمع بين مجتمع الكاملين ومجتمع السفر الذي يضم النخب السودانية في مختلف المجالات السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والفنية والرياضية، وربما نتجت هنا الكثير من الأفكار والمبادرات وجلسات الصلح والتفاكر وتبادل الرأي وغيرها من صور التلاقي!
٭ في إحدى المرات تحدثنا عنه مع الزميل والصديق معاوية محمد علي مدير إدارة المنوعات بـ (آخر لحظة) وهو من أبناء الكاملين والملمين بكل تفاصيلها التاريخية والجمالية والإبداعية، فقال لي إن الرجل من أسرة بشير حسين وهي من العائلات التي ظلت تقود الكثير من المبادرات في المدينة، فأخوه الخير هو أول من أقام مصنعاً في الكاملين وشقيقه حسين من ظرفاء المدينة!
٭ ضحك معاوية وهو يقول هل تصدق حافظ أول من أدخل (ركشة) في الكاملين ويقول إن السبب في ذلك ليس الكسب ولكن من أجل نساء الكاملين حتى لا يضطررن لركوب الكارو!
٭ وصلنا الكاملين ودلفنا للجامع وبعد الصلاة تحلقنا حول الشاي والقهوة!! أيضاً لم نجد حافظ ولكننا وجدنا سامي!! قال (إن لم تذهبوا للبيت أبوي بشاكلني)!! قلنا له المرة الجاية!! لم نجد حافظ ولكننا وجدنا كلية الكاملين الأهلية الجامعية ومحطة جديدة من محطات حافظ!!
٭ تذكرت مقال قديم لي بعنوان المجتمع يبني دولته!! ما أعظم هذه المبادرات!! علمنا أن الصرح الجديد يحوي العديد من التخصصات ولبى واحدة من أهداف نقل المدينة للريف، وتوفير الدراسة المعقولة والمطلوبة والسكن الجامعي المثالي دون الإنتقال للعاصمة وبأقل تكلفة!!
٭ تحدثوا لنا عن كثير من المبادرات والمساعدات التي قدمتها الكلية لأبناء المنطقة وما جاورها لطلاب من كل أنحاء السودان، وننقلها هنا دعماً وسنداً لتجربة زول ود بلد قدم الكثير لخدمة أهله بلا شعارات أو مزايدات!!
٭ شكراً حافظ.. الكافتريا.. الجامعة.. الإنسان!
٭ شكراً الكاملين مدينة العلم .. التاريخ.. النضال.. ومواكب الأبطال.. العلماء.. السياسيين.. الصحفيين.. الفنانين.. الرياضيين.. التجار.. الأساتذة.. رجال المجتمع وأخياره.
٭ ويا هو دا السودان الدايرنو!!

Exit mobile version